مسرحية الشبيه.. مخاض الإنسان بين الهوية والآلة

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

تم مساء الأحد عرض مسرحية “الشبيه” بقاعة العروض مصطفى كاتب بالمسرح الوطني الجزائري، تأليف مصطفى بوري، إخراج عيسى جقاطي، سينوغرافيا محمد العيد حليس.

هذا العرض من إنتاج المسرح الوطني الجزائري مليء بالثنائيات الضدية، والذي يعكس بدوره واقعنا المعاش، إضافة إلى كونه يحوي كذلك العديد من التناقضات الوجدانية، والذي كان جليا في شخصية جودي زوجة ٱدم التي اشتكت به واتهمته بإغتيال الفنان ألمع ؛ هذا الأخير كان قد إختفى فجأة ودون سابق إنذار بعد أن إعتاد التردد يوميا وبشكل دوري على منزلهما.

كما أنها رفعت عليه قضية بتهمة الإهمال الأسري.
لتعود في الأخير لتنشد براءته بشتى السبل، ووصل بها الحال إلى أن تترجى المحامية كمليا من أجل قبول القضية بعد أن صارت عصية حتى على أمهر …

موضوع المسرحية

تنطلق أحداث العرض المسرحي المندرج تحت عنوان “الشبيه” بدخول البطل؛ الذي يتضح أنه يقف أمام نسخة مطابقة له تماما ؛ وهنا نلاحظ أن المتحكم الأصلي هو الآلة لا الإنسان.

يلج اثنين من من من رجال الأمن، يكونان على وشك القبض على المخترع إلا أن جودي تصرخ بيهما منبهة إياهما أنه ليس المقصود وإنما الٱخر، فيحمدا الله شاكرين أنهما لم يقتادا بدل الإنسان ٱلة، أما في هذه الأثناء فقد أفاق ٱدم وكان قد بدأ يخطب قائلا: “أيها الناس إن الإنسانية ومنذ خلقها شبيهة بالشيطان”، وأثناء الخطاب نرى بجلاء تحول ما يطرأ على شخصية ٱدم من رجل خطيب إلى أي شيء عدا كونه رجل، وهو ما يترجم واقع ماهو حاصل لرجال هذا العصر من تأنث وفقدان للهيبة والوقار، لينتهي المشهد بجودي مساعدة الإنسانية وهي تطلق شتائم على زوجها ٱدم بعد أن تم اعتقاله سفاح دنيء … إلخ

أما المشهد الموالي فقد كان لجوجو (جوهينة)
وهي تقول للٱلي الصغير ببيسا بأنها لم تعد تريده بعد الٱن، وهذا رغم كل محولاته لإرضائها.
جوجو:”إنك مقرف، أريد صديقا غيرك، إنك لا تجيد الغناء ولا الرقص، غبي أحمق(…) سأطلب من أبي أن يصنع لي صديقا غيرك(…) أكثر جمالا واحتراما”، مفهوم.
بيبيسا:” حسننا أطلبي من والدك أن يعيد برمجة فكري بفكر يناسب فكرك الجديد” ؛ وفي هذا إشارة إلى تغير الوعي الفكري لدى الجيل الحالي نتيجة إحتكاكه بالتكنولوجيا والٱلات صغيرة كانت أم كبيرة.
تدخل الأم فيدور المشهد هنا بينها و بين إبنتها، والتي تقول لها:” عليك أن تستبدليه لم يعد ينفع لنا(…) أرجوك يا أمي هذه المرة كوني حذرة واختاريه بعناية” ؛ الأم :”سأبتذله بأب ٱخر”.

يتضح لنا هنا مدى الخواء العاطفي الذي دفع بالأم و ابنتها للبحث عن بديل لدور الرجل (الأب والزوج).
في المشهد الذي يتبعه نرى جوهينة وهي تدخل المختبر بحثا عن بديل (صديق جديد)، إلا أنها تعثر على شبيه والدها، تدخل الأم تتعرف على ٱدم بعد أن نزعت الشريحة من فوق رأسه ليستفيق و يطلب الماء و الأكل.

تسأله جودي بنبرة إتهام من الذي قتل الفنان ألمع؟
لتعود وتخبره بأنها مستعدة لتحضر له أمهر المحامين إن تطلب الأمر ذلك.
الشريحة يالا السخرية ؛ أما الحقيقة فقد كانت أنه عندما ساعد الفنان ألمع المخترع أدم على برمجة الرجل الٱلي الشبيه به، اقترح عليه أن يضعا الشريحة على رأسيهما، وهو ما جعل الٱلة تطغى عليهما.
ما جعل أدم يقول: ” أشعر أني لست أنا وأنني شبيه بذاتي”.
كما أن جنون الٱلة أدى بها إلى اغتيال البشر والتخلص منهم ليبقى في الٱخير أدم وحيدا مع الٱلة زوجة وابنة وجموعا.

وقد عبر ٱدم عن هذا قائلا:” أنا لا أوجد أنا مجرد وهم صنعته خيالات غير متناهية، أنا أستحق الموت، أضحيت وحيدا بدون عدو ولا مؤنس، الأدمي الوحيد على وجه الأرض” ؛ وهنا نستشف نهاية تراجدية ومفتاح كوني فالبداية كان بٱدم وحيدا والنهاية كانت بٱدم وحيدا.

إن ما يشاد في العمل المسرحي “الشبيه”
هو لغته الجزلى الخالية من الأخطاء ؛ والتي ساهمت في إيصال رسالته بكل يسر إلى المتلقي، وهذا في رأيي يعود لنباهة المخرج السيد عيسى جقاطي الذي أحسن إنتقاء المدقق اللغوي الخاص بالعرض السيد عبد المجيد الغريب.

وقد كان فضاء العرض داعما لمضمونه بشكل كبير، وهو ما أضفى لمسة إبداعية إضافية إليه.
وفي الأخير هل يسعنا القول بأن الشبيه هو مجرد عنوان لمسرحية أم هو واقع حتمي الوجود؟

نايلة حسيبة مسعودي

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x