يشهد الميركاتو الصيفي لهذا الموسم منذ انطلاقه يوم 17 جويلية الفارط الذي يستمر لغاية 10 سبتمبر القادم تنافسا شديدا بين الأندية الجزائرية التي تواصل تحركاتها القوية خلال مدّة الانتقالات الصيفية اذ عرفت هذه الأخيرة صفقات تاريخية، كما اقتصرت على بعض الأندية التي أطلق عليها مصطلح “الغنية” بعد الأرقام الخيالية التي طرحتها على اللاعبين حديثًا.
اعداد :سرين عليلي- سهيلة فرحون
إن هذه الصفقات التي عقدتها الأندية الجزائرية على غرار مولودية الجزائر، شباب بلوزداد، أعادت قضية رواتب اللاعبين إلى الواجهة ودفعت بالكثير طرح عدت تساؤلات.
أعاد البعض أن السبب الرئيس الذي أدى بالكرة الجزائرية إلى الغوص في مستنقع من سوء التسيير والفساد المالي ناتج عن الأرقام الخيالية التي تقدمها الأندية. فمن جهة نجد أندية بحكم امتلاكها من طرف شركات وطنية تصرف أموالا خيالية وتعقد صفقات تاريخية وسابقة في البطولة المحترفة الجزائرية، وهذا راجع للدور الذي تقوم به الشركات المالكة التي تقدم مثل هذه الأرقام الخيالية خاصة في الأوان الأخيرة.
أصبحت الأندية الجزائرية ممولة من طرف شركات أجنبية عاملة بالجزائر وهذا ما دفع بالأندية للاعتماد على التنويع في مصادر التمويل فضح الأندية الأخرى الذي باتت اليوم في أزمات مالية حادة. فحتى بين الأندية في الرابطة المحترفة الواحدة هناك خلل وعدم المساواة لكن مصيرها واحد بطولة دون إنتاجية ومردودية وتبذير أموال دون أن يكون له تأثير ايجابي.
أحدثت قضية رواتب اللاعبين جدلا واسعا في الشارع الجزائري وهي القطرة التي أفاضتا لكاس وأثارت غضب المواطنين غير أنها دفعت بالكثير للخروج عن صمته والدفاع عن حقوقهم كعمال، ومن هذه النقطة شرع البعض في أحداث مقارنات بين ما يتقاضاه اللاعبين مقابل الأساتذة والأطباء في وقتنا الحالي فراتب اللاعب في شهر هو راتب الأستاذ لثلاثة عقود عدّ البعض الأخر إهدار للمال العام..
الكاتب عماد الدين زناف لـ “هنا الثقافة” :
“ميزان العدل يجب أن يميل إلى العلوم والمتعلمين“
” إننا في سنة 2023، وما زلنا نُعاني نفس الانغلاق حول الحوارات العقيمة التي لا تُفضي بنا إلى جواب فَصل، الحديث عن التوزيع العادل لثروات الوطن بين سكّانه. لم أكن يوما صاحب دعوة بأن الحق يأتي بلا عمل وجهد، الحقّ يأتي بعد القيام بالواجب اتجاه البلد، والحق هو في تكافئ الفرص لخوض غمار المنافسة الشريفة، لأخذ تلك الحصة التي تنتظر كل مجتهد في نهاية السباق ولكن الذي دأبنا عليه، لا يزال روتينا الذي لم نَخلص منه في جزائرنا الجديدة، ألا وهو أن الذي يلهو له نصيب الأسد عن الذي يدرس، لا قيمة للبحث العلمي ولا لمن اجتهد في المجالات الأخر.
المال أصبح خُلّة بين لاعب كر القدم والمُغنّي، كيف لا، ونحن نرى أن صفقة لاعبٍ واحد تعادل تعب ثلاثين سنة لموظف جزائريّ حامل لشهادة ماستر أو ما يفوق ! اللهم لا اعتراض على القدر وعلى تقسيم الأرزاق، ولكن الحقيقة تقال، ليسَ هناك من تقارب بين حظوظ اللاعب الذي ترعاه المؤسسة، وبين الذي يدرس لكي يعمل في تلك المؤسسة، ليس هناك من تقارب بين الذي يأخذ أجرة منها، وبين الذي يأخذ دعما منها، بين الذي يتعب فيها، وبين الذي يأخذ أرباحا منها.
إن واقع المعيشة في الوطن، يفرض تسقيف الأجور، وأن الثروة تلكَ يجب ألا تكون مصدر فِرْقَة واستفزازٍ لأبناء الوطن الواحد، إنما تكون مصدرا لمنافسات شريفة، تُعطى فيها الفرصة للجميع، ولست ظالما ولا معتديًا إذا قلت أن ميزان العدل يجب أن يميل إلى العلوم والمتعلمين، والباحثين والأبحاث، وللعائلات والفقراء واليتامى، وليس لمن يلهون ويلعبون، فإن نقصت منهم شطر الأجرة، سيبقى منها ما يستطيعون به كفالة ألف يتيم، والتصدق على ألف مسكين.”
الأكاديمي والطبيب النفسي عبد الحق لزغم لـ”هنا الثقافة”:
“من حق الفرد الجزائري أن يتساءل عن مصير هذه الأموال”
“أولا بخصوص تعاقدات الأندية الجزائرية مع لاعبين محترفين وبالتحديد صفقة مولودية الجزائر مع اللاعب يوسف بلايلي، وبعيدا عن النظرة الشعبوية لهذه الصفقات تعبتر حالة عادية لسوق كرة القدم خاصة ونحن نرى الصفقات التي تجري في السعودية مع لاعبين عالميين، لكن المشكل يمكن في قيمة هذا الاستثمار وعائداته وهل هذا الاستثمار من شركة سوناطراك العمومية مدروس من الناحية الاقتصادية إذا عرفنا أن هذه الشركة تستمد رأس مالها من عائدات البترول الذي هي ملك للشعب.
فإذا كانت هذه الخطوة من شركة خاصة لما حدث كل هذا اللغط والإثارة ولكن ردود الفعل هذه والتعجب ناتج عن كون هذه الأخيرة مؤسسة عمومية تابعة للدولة، التي تضخ هنا وهنا خاصة في مجال لا يدر شيئا على الاقتصاد الوطني.
وكأن مجالات الاستثمار الذي تعود بالنفع المباشر على المجتمع قد غابت عن أذهان مصيري الشركة لذلك كان من الأفضل توسيع دائرة الاستثمار إلى المجالات ذات المنفعة العامة، خاصة ونحن نعيش وضعا اقتصاديا صعبا وغلاء في المواد الأولية ثم يأتي التفكير في استثمارات كرة القدم اذا كان المناخ الاقتصادي ملائما في الجزائر والدوري الجزائري الذي تلعب فيه أندية تعاني عديد المشاكل على غرار التأخر في صب أجور اللاعبين والتخبط في الديون والبعض من الأندية لا تملك ملعبا يتوفر على شروط المشاركة في البطولات القارية”..
الأستاذ والأديب الجزائري رابح خدوسي:
المبلغ خيالي للاعب كرة شهريا يكفي لإحداث نهضة تربوية ثقافية في الجزائر“
أما الأدب رابح خدوسي وصاحب دار نشر الحضارة كان له رأي في حساب المبالغ الخيالية التي يتلقها لاعب كرة قدم حيث كتب على صفحته الخاصة عبر التواصل الاجتماعي الفايسبوك:
“إن 2.2 مليار الذي استفاد منها لاعب كرة شهريا، تكفي لإحداث نهضة تربوية ثقافية في الجزائر مثلا:
- تجهيز مكتبة مطالعة بالمؤلفات والإعلام الآلي في كل البلديات.
- إصدار 70 مجلة وطنية شهريا. –
- توزيع 100 جائزة وطنية شهريا
- تنظيم 100 ندوة شهرية في البحث العلمي التربوي مثلا .
- توفير موسوعة العلماء والأدباء الجزائريين في كل مدارس الجمهورية، وغيرها من المشروعات الهامة.
الصحفي والسياسي عبد العزيز غرمول:
“الجزائريون في حاجة لأموال خزينتهم لتحسين ظروف معيشتهم”
أشار الصحفي والسياسي عبد العزيز غرمول عبر صفتحه الرسمية الفايسبوك هو الأخر عن جلبة التي أقامت على لاعب كرة قدم وما يتقاضه شهريا في نقاط مهمة جاءت كتالي:
✅ أضم صوتي لأصوات أولئك الذين غضبوا وأدانوا تبذير وفساد أندية كرة القدم
✅ هذه الأندية تصرف الملايير شهريًا على لاعبين ومسيرين فاشلين وفاسدين، لا يحققون نتائج ولا إيرادات في مستوى رواتبهم الضخمة
✅ هذه الأندية الفالتة من كل رقابة، التي أصبحت سياسية أكثر منها رياضية، تحلب ضرع الخزينة العمومية، يعني مال الشعب، هذا الشعب المحتاج لمناصب شغل، لمصانع ومزارع وطرقات ومستشفيات ومنتزهات وشواطئ نظيفة ومدارس أكثر ومواد غذائية بأسعار معقولة، كما يحتاج هذا الشعب لملاعب ومسابح وترقية رياضات فردية وجماعية تتطلب انتباه ومساعدة الدولة
✅ هذه الأندية التي تعرّض الكثير من مسيريها للمساءلة بتهمة الفساد أو شبهة الفساد، ودخل بعضها السجن، وتم إبعاد البعض نهائيًا، يعرف الجميع أنهم يتقاسمون بطريقة أو بأخرى رواتب أولئك اللاعبين الذين يتقاضون رواتب خيالية فاق بعضها 2 مليار شهريا. يا للعجب… وهم لا يقدمون للرياضة ولا لأنديتهم ما يبرر هذه الرواتب المتضخمة إلى حد جنوني…
✅ في الدول التي تحترم خزينة شعبها، ولا تعتبرها شركة ذات مسؤولية محدودة، تترك هذه الاندية لتمويل ذاتها، سواء من مداخيل الملاعب او سبونسور أو الماركتينغ، وهي حرة في شراء وبيع اللاعبين حسب ما يقتضيه السوق، وحسب ميزانية الأندية. أما نحن حيث “بقرة موح أحلب وروح” فإن الخزينة العمومية المُخَوْصَصَة هي التي تصرف على هذه العصابات الفاسدة.
✅المطلوب، وبصورة عاجلة، وضع حد لهذا الفساد المستشري، الذي يحميه قانون فاسد وعقلية نظام يشجع ويطوّر الفساد، في صالح ومصالح أشخاص انتهازيين فاسدين.
✅الجزائريون في حاجة لأموال خزينتهم لتحسين ظروف معيشتهم.
كان لكتاب وأدباء الجزائر حصة الأسد لإعطاء رأيهم في هذه القضية بإجراء هذه التصريحات أو حتى منشوراتهم ففي المدّة الأخيرة.
اكتسحت مقولة تعود للأديب المصري توفيق الحكيم مواقع التواصل الاجتماعي بكثرة وهي الذي أطلقت منذ سنوات حين هجمت بشدة رواتب بعض لاعبي كرة القدم الذي تخطت الملايين بعبارته المشهورة “لقد انتهى عصر القلم وبدأ عصر القدم، يأخذ اللاعب في سنة ما لا يأخذه كل أدباء مصر من أيام اخناتون حتى الآن”
فالسؤال المطروح اليوم إلى متى ستبقى مثل هذه الشركات توالي اهتمامها فقط لكرة القدم وتغض بصرها في تمويل المبدعين في المجالات الأخرى؟.
اعداد :سرين عليلي- سهيلة فرحون