من جميلات الجزائر، جميلة بوباشا (9 فبراير 1938)، مناضلة ومقاومة جزائرية من النساء اللائي ساهمن بشكل مباشر في الثورة الجزائرية على الاحتلال الفرنسي، ولدت في بولوغين، الجزائر العاصمة في عائلة متوسطة الحال.
تخصصت الشابة العشرينية في نقل الأسلحة الخفيفة في قِفاف صغيرة إلى الثوار خلال “معركة الجزائر” (1956-1957) وأيضا نقل الرسائل، ثم كلفت مهمة محفوف بالخطر تمثلت في وضع القنابل الموقوتة في أماكن يرتادها الجنود الفرنسيون والمعمّرون وَسَط العاصمة، مثل المقاهي والحانات ومراكز البريد.
في 10 فبراير 1960 أُلقي القبض عليها مع والدها ووضعت في السجن العسكري حيث تعرضت للتعذيب والاعتداء الوحشي. وأُجبرت تحت التعذيب على الاعتراف بزرع قنبلة في مطعم الجامعة.
وكان نشر قصة تعذيب هذه الفتاة الجزائرية الشابة قد صدم الرأي العام الفرنسي. كان تعذيب النساء اللائي يقُبض عليهن شائعًا، واستخدم الاغتصاب بشكل منهجي لترهيب المجتمع الجزائري.
وتكمن أهمية قضية بوباشا في قرارها رفع دعوى ضد من عذبوها. على الرغْم أنها لم تنكر ارتباطها بجبهة التحرير الوطني والتزامها باستقلال الجزائر، إلا أنها جادلت بأن الاعتراف الذي تم الحصول عليه تحت التعذيب لا ينبغي قبوله أمام المحكمة العسكرية التي ستحاكمها.
جميلة بوباشا.. قصة تعذيب فتاة جزائرية صدمت الرأي الفرنسي الليبرالي
بالتعاون مع المحامية الفرنسية التونسية جزيل حليمي، عرضت بوباشا قضية تعذيبها على المحاكمة، مما تسبب في فضيحة في فرنسا والجزائر واكتسبت اهتمامًا عامًا واسعًا.
كتبت حليمي وسيمون ديب وفوار كتابا بعنوان «جميلة بوباشا» بعنوان فرعي «قصة تعذيب فتاة جزائرية صدمت الرأي الفرنسي الليبرالي» كجزء من خطة أوسع لـ «حشد الرأي العام ومحاكمة الحكومة لخرقها المادة 344 من قانون العقوبات الفرنسي.
كان الإعلان عن استخدام الفرنسيين للتعذيب مدينًا بشكل خاص نظرًا لأن» فرنسا وقعت ثلاث وثائق دولية تدين التعذيب«، وبذلك» نفى ديغول مرارًا وتكرارًا استمرار استخدام التعذيب في الجزائر.
و كتب جوليان إس مورفي أن الكتاب، إلى جانب مقال بقلم بوفوار في عام 1960 في «لوموند»، سعيا إلى نشر المعرفة بالتعذيب غير القانوني للحكومة الفرنسية خلال الحرب الجزائرية.
بيكاسو يرسم جميلة الجزائر
أعجب الرسام العالمي بابلو بيكاسو بجميلة بوباشا خصوصا صلابتها وشجاعتها رسمها في بورتريه لكتاب المحامية جيزيل حليمي وسيمون دي بوفوار سنة 1962 .
وكتب بوداود عمير أن لوحة جميلة بوباشا، التي رسمها بيكاسو بقلم الفحم، تقدر قيمتها بحوالي: 400 مليون دولار، وفق خبراء المزادات العلنية للمصنفات الفنية.
و تم عرضها في الجزائر سنة 2007 في إطار تظاهرات الجزائر عاصمة الثقافة العربية. وقد جيء باللوحة من فرنسا إلى أحد المعارض بالجزائر العاصمة، تحت حراسة أمنية مشددة.
وحسب وصف من شاهدها في المعرض، تتمتع اللوحة بنظام استشعار متطور يمنع عنها تسرب الضوء والحرارة. سرعان ما أعيدت إلى فرنسا، بنفس الحراسة المشددة، ومن المرجح أن الجزائر دفعت يومها مبلغا كبيرا لعرضها لأيام قليلة.
كما تعاطف العالم كله مع جميلة بوباشا وفي مقدمتهم الكاتب الفرنسي جون بول سارتر والصحفية سيمون دي بوفوار والكاتب لويس أراغون وتطوع الكثير من المحامين للدفاع عنها في مقدمتهم جزيل حليمي.
بوباشا ترفض الثلث الرئاسي
رفضت المقاوِمة الجزائرية خلال الثورة التحريرية جميلة بوباشا تعيينها من طرف الرئيس عبد المجيد تبون، نائبا في مجلس الأمة عن الثلث الرئاسي. وتداولت وسائل إعلام جزائرية وناشطون على صفحات التواصل الاجتماعي، “رسالة اعتذار” وقعتها بوباشا.
قالت فيها “بعد نشر قائمة الثلث الرئاسي لمجلس الأمة التي تضمنت اسمي ضمن الشخصيات التي تم اختيارها، أود أن أوضح أنني عبرت عن اعتذاري عن قبول المنصب للسلطات الرسمية شاكرة لهم الثقة التي وضعوها في شخصي. لذلك، أُعلم الرأي العام أن جميلة بوباشا لن تكون ضمن الثلث الرئاسي المعين”.
وتابعت “خدمت بلدي مع إخوتي وأخواتي بصفتي مجاهدة وعدت إلى حياتي كمواطنة وأودّ أن أبقى كذلك”. ولقي هذا الموقف ثناء من ناشطين جزائريين على شبكات التواصل الاجتماعي.
جميلة بوباشا رمزا ثوريا كبيرا في تاريخ الجزائر، فهي واحدة ممن يطلق عليهن “جميلات الثورة” لاشتراكهّن جميعا في اسم جميلة وهن، جميلة بوحيرد وجميلة بوباشا وجميلة بوعزة.
- سارة فراح