من سيلين إلى غودار أو ثمن تأييد نضال الشعب الفلسطيني.

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

قناديل

بقلم: بوعلام رمضاني

كنت اعتقد ان شرطة الفكر والفن، لصيقة فقط بالبلدان المتخلفة التي لم يهضم قادتها بعد ان عصر التواصل الاجتماعي الحر، لم يعد يتحمل ويسمح المصادرة والمطاردة والتهميش والتشويه تحت وطأة الإيديولوجية المسيطرة والكيل بمكيالين حينما يتعلق الأمر بمفهوم الظلم.

بعد التعتيم الذي تعرض له الروائي الكبير فرناند سيلين صاحب تحفة “رحلة حتى حافة  الليل” بسبب اتهامه بمعاداة السامية ودعوة وزير الثقافة فردريك ميتران إلى إلغاء الاحتفال بذكرى ميلاده ( أنظر كتابي “صيد ثقافي على ضفاف السين” الصادر عن دار الأمير بمرسيليا)، ها هو جان لوك غودار الذي رحل مؤخرا في جنيف عن عمر يناهز الواحد والتسعين يتعرض لنفس ما تعرض له الروائي الكبير سيلين.

المخرج الكبير الفرنكو سويسري الذي خلد تاريخ الموجة الجديدة إلى جانب فرنسوا تريفو وآخرين اقل موهبة وتأثير من الإثنين، لم يستحق تكريما فنيا خالصا يرتفع إلى مستوى أفلام تاريخية تعكس شخصية استثنائية تتعدى المستوى السينمائي الخالص، وتتجاوز المنظور الإيديولوجي الذي كثيرا يطغى في الإعلام الفرنسي إذا ارتبط بقضية الشعب الفلسطيني.

وإذا كان كل النقاد السينمائيين والمتخصصين في سينما جان لوك غودار يتفقون حول موهبته الفذة شأنه شأن المبدعين الكبار وأصحاب الرؤى العميقة للحياة وللعالم بغض النظر عن اتفاقنا أو اختلافنا معهم، فإن بعض الممثلين والكتاب الذين يدافعون عن إسرائيل في كل الأحوال ضد الشعب الفلسطيني، لم يترددوا في مطاردة غودار في قبره واختزاله في المخرج المعادي للسامية فقط بعد ان قال: “اليهود يفعلون في الشعب الفلسطيني ما فعله النازيون فيهم، وعليه، لم يعد الهولوكوست أمرا مقتصرا عليهم فقط “.

رغم مرور عدة أعوام على تصريحه، احتفظ الكثير من الصهاينة المؤيدين للإستيطان الإسرائيلي بمواقفهم  الإيديولوجية ضد مخرج كبير تعدى التزمه السياسي والأخلاقي نضال الشعب الفلسطيني، وطال كل الشعوب المقهورة والمناضلة في العالم بما فيها الشعب الجزائري الذي حظي بتأييد المخرج الكبير خلال ثورة التحرير.

المخرج الماركسي الكبير الذي نعاه الرئيس الفرنسي إيمانويال ماكرون قائلا : “أنه كنز فرنسي”، وكبار السياسيين من أقصى اليسار إلى اقصى اليمين، طارده بعض الصغار من الممثلين غير المحسوبين على الوجود المتميز، ومن بينهم المسمى جيرار درمون البلغ من العمر 74 عاما . في تصريح لقناة ” فرانس 5 ” العمومية، اكتفى هذا الممثل بربط المخرج الكبير الراحل غودار بموقفه المؤيد للنضال الشعب الفلسطيني قائلا : “الرجل لم يكن منصفا لجاليتي اليهودية بوجه عام ولإسرائيل بوجه خاص”، ولا استطيع أن أعجب بشخص يكره اليهود “. نفس الكلام قيل عن سيلين. كن تافها وسطحيا ودخيلا على أي ميدان أدبي أو فني، وأيد إسرائيل في كل الأحوال …تصبح مشهورا ومقبولا إعلاميا، وبذلك تسمح بالخلط بين الإعلام والدعاية على طريقة غوبلز ! .كبار الممثلين والمثلات الذين مثلوا واللواتي مثلن تحت إدارة الراحل غودار ومنهم ألان ديلون وماشا ميريل وقبلهما جان بول بلمندو أشادوا بالمخرج الذي ترك إرثا سينمائيا نادرا.

ليسوا كلهم من مؤيدي نضال الشعب الفلسطيني، وحتى بريجيت باردو المسنة التي تدافع عن الحيوانات اكثر مما تدافع عن البشر ،اعترفت بعبقرية المخرج الذي اشتهر أساسا بأفلام ” حتى آخر نفس ( 1960)، و”المرأة هي المرأة ( 1961). و”الحياة “( 1962)، و”الإحتقار”( 1963)، و”بييرو المجنون”( 1966)”والصينية ( 1967). بعض النقاد يعتبرون غودار مفكرا وفيلسوفا اجتماعيا وثوريا، وليس من الصدفة ان كان جنب جان بول سارتر في انتفاضة الطلبة عام 1968. يمكن ان نختلف حول مواقفه وتوجهه ، لكن لا احد من المؤمنين بالخصوصية الإبداعية أن يقفز على إضافات الرجل غير المسبوقة على الصعيد السينمائي.          بوعلا

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x