إبرة رفيعة وخيط من نسيج الشعيرات النسيجية يغزلان لنا أجمل قطع الملابس التقليدية بأنامل من ذهب تتفنن فيها النسوة، تتوارثنها جيل عبر جيل العملية تتطلب الحب والصبر ولما لا الشغف في نسج الكاراكو والقفطان والجبة.
كانت جدتي تجلس في زاويتها تفترش الأرض وهي تمسك بأناملها إبرة رفيعة وخيوط ملونة لتنسج أجمل قطع الملابس، وأتذكر أن الباب تطرقه العروس طالبة منها أن تخيط لها القفطان والكاراكو .
ويعد التطريز من أقدم فنون زخرفة القماش فقد استعمل في الحضارات القديمة، لتزيين ملابس الملوك ورجال الدين ولا تزال القطع المطرزة تحظى بقيمتها وجمالها وبخاصة إذا كان التطريز يدوياً.
لكن لا يمكننا اخفاء حقيقة النماذج للرائعة من التطريز الإلكتروني حولت اللباس التقليدي إلى تحفة من الجمال تتزاوج فيه الاصالة والمعاصرة، باستخدام ماكينات عصرية تعتمد في التصميم على جهاز الكومبيوتر.
والملفت أن الشباب اقتحموا هذا المجال مؤخرا ليبدعوا في تطريز القماش برسومات “رشمات” تعتمد في التصاميم على الكمبيوتر، وما يميزه عن الطرز اليدوي على أنه أكثر دقة وغزير الإنتاج حسب طاقة كل ماكينة ويوفر الوقت والجهد.
غير أن عصرنة هذا الفن تسبب في تراجع مبيعات الطرز اليدوي، وتنافسه بشراسة بما أن الطرز الالكتروني أرخس سعرا من اليدوي، ويوفر الوقت لأصحاب المشاريع والمحلات وممن يعرضون الألبسة التقليدية بشكل خاص للعرائس.
إن العديد من الشركات تعرض أجهزة الطرز الإلكتروني ذات الجودة العالية، على الراغبين في خوض غمار هذه التجربة، وبأسعار مناسبة.
لكن وبالرغم من أن الميزات الايجابية التي جلبها الطرز الالكتروني الذي ساهم في تطوير هذه الحرفة من حيث الجهد والوقت، إلا أن الطرز اليدوي لا يزال يفرض نفسه محاولا البقاء مستنجدا بالأنامل الذهبية التي لا تزال تتشبث حبا بهذه الحرفة المتوارثة جيل عبر جيل.
بقلم: زكرياء دربيخ