لم يكن وجودي على خشبة المسارح المحترفة وليد الصدفة بل بالعكس صعدت على سلم الاحتراف خطوة خطوة” هكذا تحدثت سمية بوناب بشغف وبحب كبريين عن أبي الفنون، وهي العصامية العاشقة للفن الرابع منذ طفولتها، حملت معها هذا الحلم الكبير بأن تكون ممثلة محترفة منذ صغرها وسنها لا يتعدى 10 سنوات إلى الجامعة أين شاركت شغفها في تجربة المسرح الجامعي، ومن الهواة صنعت اسمها إلى جانب المحترفين لتتوج بجائزة علي معاشي للمبدعين الشباب كأحسن ممثلة في مسرحية “تيمنفلة”.
صارة بوعياد
انطلقت سمية بوناب في مسارها كممثل في المسرح من دار الشباب ببلدية أم العظائم كممثلة بفرقة “قطط المسرح” بعمر 10 سنوات لتنتقل بعدها لتجربة المسرح المدرسي وبعدها مسرح الهواة، وبعد دخولها إلى الجامعة خاضت تجربة المسرح الجامعي بباتنة من أبوابه الواسعة لتصقل موهبتها أكثر وتزيد حماسها أكثر وأكثر مما فتح لها أبواب المسارح الجهوية مصراعيه لتنطلق في الاحترافية في مسارها الإبداعي.
خاضت عدة تجارب مسرحية لكن شدتنا في حديثها أكثر عن تجربتها في مسرحية تينهنان باللغة الأمازيغية حيث قالت بوناب: “كانت من أروع التجارب التي خضتها رفقة كوكبة من ألمع الممثلين من مختلف الولايات تحت إشراف المايسترو الرائع المخرج كريم بودشيش الذي تعاملت معه لأول مرة لكن لمست فيه روح الأب والأخ والمعلم”.
الخشبة تمتلكني وأنا لها ما دامت تطلبني
لطالما اشتغلت بصمت وحتى التتويجات السابقة الوطنية والدولية لم تحظى باهتمام مسئولي الثقافة في ولايتها ولم تشفع لها التكريم والاعتراف بها وبإبداعها أمام كل تلك الانتاجات التي أنتجها مع المسرح الجهوي سوق أهراس منذ نشأته، بل احتضنها مسرح أم البواقي ومسرح باتنة الجهوي وعادت الممثلة المتوجة بمعظم جوائزهم لكن جائزة علي معاشي كانت الطفرة الحقيقة لقلب كل الموازين فأرغمت الجميع على الاعتراف بسمية بوناب كممثلة مبدعة في ولاية سوق أهراس فعلا وليس قولا.
سمية البيطرية… وسمية الممثلة
درست سمية بوناب بجامعة باتنة تخصص طبيبة بيطرية وبالرغم من صعوبة هذا التخصص إلا أنها استطاعت التوفيق بينه وبين التمثيل، كما لم تتوقف عند هذا التخصص فقد تحصلت على ثلاثة شهادات بكالوريا وهي الآن طالبة سنة ثانية أدب فرنسي، لأن الفنان الحقيقي حسبها لا يكتمل إلا إذا توازنا ثقافيا وعلميا، مبرزة ذلك في قولها: “إن كان التمثيل شغفي وهوايتي فالعلم رفيقي منذ الصغر”.
ومن يعرف شخصيا سمية بوناب يدرك جيدا أنها تلك الفتاة الخجولة والمتحفظة كثيرا، لا تحب التجمعات والعلاقات، وتحب العزلة ولها عالمها الخاص، لكن من يشاهدها على ركح المسرح يقول أن سمية بوناب تعاني “الانفصام” وبكل بساطة تجيب وتقول: “تلك الخشبة تمنحني جرأة لم اكتسبها أبدا طيلة حياتي…عشق وخوف ورهبة وشغف، اندفاع وحب وتعلق بالجمهور، وارتباط وثيق بكل عمل مسرحي أديته ووفاء لكل قطرة عرق نزلت فوق هذه الخشبة، بكل بساطة أشعر أحيانا أنها تمتلكني وليس لي الحق في نفسي مادامت تطلبني”.
توّجت في المسرحيات الأمازيغية وهي لا تتقن اللغة
لم يبتسم لها الحظ كثيرا للظهور على شاشة التلفزيون فكان لها ظهور في سيتكوم “ايمغارن” والثانية السلسلة الكوميدية “الضراير أو ثاكنوين” الذي أنتجه التلفزيون الجزائري وتم بثه بالقناة الرابعة الناطقة بالأمازيغية، العجيب في سمية أن حين ابتسم لها الحظ ابتسم باللغة الأمازيغية التي لا تتقنها بالأساس بل اكتسبتها من الركح، نعم الغرابة في الأمر أنها صعدت الخشبة ومثلت في مسرحية أمازيغية وهي لا تتقن اللغة لتكون الإرادة وتحمل المسؤولية من سماتها حين اعتذرت في أحد الأيام الممثلة الرئيسية عن دورها ووضعت المخرج في موقف محرج، وفي تلك اللحظة حمل السيناريو ووضعه في حقيبتها قائلا “أنت لها يا سمية …لا حل أخر”.
وفي الأخير قالت بشغف وبأمل “أطمح أن تكون لي فرص أكثر لإبراز موهبتي، وأتمنى أن تفتح الأبواب أمامي لتحقيق المزيد من النجاحات لأن كل شاب مبدع يحتاج لتشجيع ككلمة “برافو” لشحن قواه للإبداع أكثر”.