من إطار قانوني إلى فنانة تشكيلية صنعت إلهامها من قصاصات الجرائد والرسم على سور منزلها، اتخذت من الفن رسالة وتعبيرا عن نفسها، هي فنانة فاطمة الزهرة بوعوني تنحدر من مدينة الورود البليدة، تكونت على يدي الفنان القدير محمد لعرابة.
صفوان سعيد
قالت فاطمة الزهرة بوعوني : “الرسم والألوان رافقوني منذ الطفولة، حيث كنت أرسم على سور منزلنا وفوق أوراق الجرائد، ولكن بدايتي المهنية ومشاركتي في المعارض الفنية كانت الانطلاقة من العام 2011 و2012 في معارض جماعية في دور الشباب، ولكن اعتبر الانطلاقة الفعلية في الفن التشكيلي من المعرض 2016 بمتحف باردو المعنون باسم “رحلة حنين” ومنذ ذلك الحين قررت أن يكون لي على الأقل معرض واحد في السنة”.
مضيفة بقولها: “ومن العام 2017 كان معرض أخر بمناسبة تكريم المرأة في سوناطراك، وسنة2018 أقمت معرض أخر بفندق وهران حمل عنوان “الجزائر ما وراء اللوحات”، ومن سنة 2019 حظيت بالمشاركة بلوحتين في معرض جماعي خاص بإحياء الربيع بمدينة البليدة”.
المرأة حاضرة في كل لوحة من لوحات الفنانة فاطمة الزهرة إما كجسد أو كطبيعة أو كموروث ثقافي، منوهة بقولها “المرأة لا طالما اعتبرتها حارسة المعبد فهي الحارسة للموروث الثقافي الكبير التي تزخر بها الجزائر، حيث لكل منطقة لباس وحلي خاص بها، كما كانت المرأة حاضرة حتى في الأكل عبر لوحة “طبق الكسكس”.
“المرأة بغض النظر عن مستواها لها دور في مجتمع وفي البيئة التي تنتمي إليها فهي تساهم في الحفاظ على الإرث الثقافي الغني جدا”، هكذا عبرت فاطمة الفنانة عنها في لوحاتها “حيزية” المرأة التي أحبها سعيد وتفنى بها الشاعر بن قيطون، التي تفسر الحياة بفرحها وحزنها، في حلمها وألمها.
وفي لوحة “ديهية” التي تمثل المرأة القوية كقائد عسكري، ضحت بنفسها من أجل قومها، ولوحة “نفيسة” المرأة الماكثة في البيت التي استطاعت بطوق الياسمين أن توفر العيش الكريم لعائلتها، “حاولت أن تكون اللوحات بك أنواعها تكريم للمرأة الضامن لحياة المجتمع والموروث الكبير الذي وللأسف لم نستغله جيدا”.
“إمزاد، الرحبة، العولة…لوحات تحاكي الموروث الثقافي”
أشارت فاطمة الزهرة بوعوني إلى لوحة “إمزاد”، الآلة الموسيقية الخاصة بالمرأة الصحراوية، التي تحمل في مضمونها أساطير وقصص تروى عبر أجيال أخرى، كرمز لقوة المرأة وقدسية الآلة، وإلى لوحة “الرحبة” وهي موروث موسيقي أخر للتعبير والتواصل، تبرز منها التضامن والتماسك بين الأفراد، وكذا لوحة “العولة” كرمز للثقافة الاقتصادية.
من لوحاتها أيضا نجد لوحات خاصة بمدينة البليدة وأخرى ترمز لها في بقات من الورود متنوعة ومتشكل في ألوان بهية، إذ يبدوا تأثرها من بالطبيعة وكذا بالثقافة التي برزت في دويرات البليدة مجسدة في لباس المرأة للحايك التي شكلتها في لوحة انطلاقا من ذاكرتها التي عادت بها إلى وعدة سيدي الكبير، “فبقت تلك الصور كمشهد يرمز للهوية أردت إلى أن أجسده في لوحات فنية”.
لوحات تشكل الخط المغربي، هو “إلهام” أخر للفنانة التشكيلية فاطمة الزهرة، “كل لوحة من اللوحات تلهمني ومن بين الخط العربي يلهمني الخط المغربي، فأردت أن أجرب الخط وأقدم له تكريم خاص عن طريق لوحاتي التي تتميز ببعض الآلات الموسيقية كالقويطرة وإيمزاد وبإضفاء نوع من العصرنة.
الفنانة فاطمة الزهراء بوعوني تنتصر للمرأة الجزائرية تشكيليا
“المنسيات من التاريخ” هو عنوان المعرض الأخير الذي قدمته الفنانة التشكيلية الجزائرية فاطمة الزهراء بوعوني بقصر رياس البحر بالجزائر العاصمة، والذي انتقلت به إلى مدينة تيزي وزو في شهر المرأة.
المعرض ضم عددا من الأعمال الفنية منها لوحات وبروتريهات تتناول دور المرأة الجزائرية التاريخي وإسهاماتها في تشكيل الوعي الوطني والحفاظ على الهوية والثقافة المحلية. وتسعى الفنانة فاطمة الزهراء بوعوني تكريم عدد من الشخصيات النسائية المنسية من التاريخ كما تسعى للتوثيق لدورها الريادي والانتصار لها تشكيليا وفنيا.
“سوق الفن التشكيلي غائب في الجزائر”
وعن واقع الفنان أكدت فاطمة الزهرة: “كان من الممكن أن تكون الجزائر وجهة سياحية بامتياز، نظرا لما تزخر به من موروث ثقافي، وكفنانة أنتج أعمالا لكن نحن بحاجة إلى فضاءات نتقاسم فيها الفن مع محبيه، وإن وجدت أروقة الفن فهي قليلة، ومنحصرة في أماكن”.
أما عن واقع الفن في الجزائر تطرقت فاطمة الزهرة الفنانة التشكيلية إلى مشكلة سوق الفن ونقاد الفن التشكيلي الذي لا يوجد، علما أن أدوات الفن غالية ومن الصعب أن تعيش بالفن في بلد الجزائر، “أتمنى أن تتغير الأمور ونحاول أن نعمل ونبدع في ما نستطيع لإبراز الفعل الثقافي في الجزائر كل منا في مجاله الفني الإبداعي”.
في الأخير نوهت الفنانة التشكيلية فاطمة الزهرة بوعوني إلى أهمية وضرورة الاستثمار في الطفل مفيدة بقولها “لابد أن نستثمر في الطفل لأنه يمثل جيل الغد والمستقبل، فالفن أصبح علاجا للنفس، انطلاقا من كونه موهبة يجب صقلها لدى أطفالنا، وشخصيا لما يكون طفلا زائر لمعرضي أعطي له كل الأولوية”.