“لا تصنعوا الحواجز بأيديكم فإعاقتكم سلاح فتاك ذو حدين إما أن تبرز نفسك وإما أن تدفنها وفي الأخير أنت حر في قرارك”، بهذه الكلمات تدفع نسيبة عطوط الكثير من ذوي الهمم أن يثبت أنفسهم في وطن اسمه الجزائر، وهي تلك الحالمة والقادمة من الجامعة تخصص قانون لتعتلي الركح ولتبرز موهبتها التي استخفى بها الكثير، لتثبت أن المستحيل حقيقة، وأن الحلم تذكرة للجميع من حق أي شخص قطعها. وبعد جهد وجد وايمان حققت الكثير وصفق لها الجهور عاليا فنالت التقدير والاحترام ونالت ذلك الحلم الذي كان بعيدا ذات يوم، وهي التي لا زلت تحلم بأن تدخل بيوت الجميع عبر الشاشة الصغيرة فهل سيتحقق هذا الحلم؟.
حوار: صارة بوعياد
من اكتشفك كممثلة وما هي التحديات والصعوبات التي واجهتها؟
موهبتي اكتشفتها بنفسي، كنت أحب التمثيل وتقليد شخصيات فعندما أشاهد مسلسلات أو أفلام أحدث نفسي لماذا لا أصبح ممثلة ماذا ينقصني وعندما استفسرت حول موضوع التمثيل في التلفزيون الجزائرية علمت أنه يجب أن أكون بنت المسرح في البداية، فقمت بخطوة الأولى وهي توجهي للمسرح البلدي في ولاية سطيف حيث التقيت بإحدى الفنانين فعرضت عليه أن يعلمني أدوات المسرح والقواعد التي ينتهجها الممثل، كان رده قاسي(أسف لا توجد مسرحية للمعوقين والمسرح ليس موجه لهذي الفئة) بكل بساطة حدث نوع من تحطيم النفسي لأنني أعلم جيدا بموهبتي وأعلم بكل ما أستطيع فعله وتقديمه.
على ماذا أقدمت بعد هذا الرد القاسي؟
نزعت فكرة المسرح من ذهني وتوجهت إلى المواقع فكانت وجهتي الأولى إلى منصة “تيك توك” بعدها “الانستغرام” فكان اقبال جيد لكن كنت أخفي اعاقتي لأنني أتذكر الرد الذي سمعته في ذلك اليوم، ولكن بعدها قررت أن أخرج اعاقتي إلى العلن وتلقيت تنمر في الكلام الذي لا يستطيع أحد تحمله مهما كان قويا، ولكنني كنت دائما متمسكة بحلمي وكنت دائما أرى نفسي في المكان الذي وضعته في مخيلتي وبفضل الله اكتسبت محبة الناس وأعطيت نظرة مخالفة على معاق في المجتمع وتم تعيني كمؤثرة.
كيف ولجت لعالم المسرح؟
بنسبة انضمامي إلى المسرح كنت بالجامعة فقصدني زميليّ عنصر يوسف وموباني علي منصور و طرحوا فكرة المسرح فرفضت في الأول بسبب تلك الخيبة التي تلقيتها سابقا، ولكن بعد الحاحهم وافقت واتجهت إلى دار ثقافة هواري بومدين سطيف ودخلت إلى الورشة ووجدت حينها الفرقة والأستاذ توفيق مزعاش، لا أخفي أنه وفي البداية كان نوعا من التخوف، لكن بعد التعرف وسرد الحكاية قال لي (أهلا وسهلا بيك بيننا ومن اليوم أنت فبي الفريق) ومنحني دور الفاهمة في عرض “القبو” مسرح الشارع وبعدها الدور الرئيسي في مسرحية “شكون فينا ميحلمش”.
حدثينا عن تجربتك مع المخرج المسرحي توفيق مزعاش؟
تجربتي مع أستاذي الفنان توفيق مزعاش كانت فريدة من نوعها، فأنا لا أراه أستاذ وفقط فهو بمثابة موسوعة من المعلومات لم يبخلني بأي معلومة تخص الممثل، فمنحني معظم مفاتيح الممثل الناجح وتعلمت منه وفاء المسرحي واتقان عملي، بساطة أنا محظوظة لأنني تلميذته.
ماذا عن مونودرام الأخير الذي قدمته في الأغواط؟
بالنسبة للعرض الذي قدمته في الولاية المضيافة الأغواط هو عرض لن أنساه في حياتي عرض من نوع المونودارم المعنون “كوميشة” وهي فتاة صاحبة ستين سنتم، الفتاة الوحيدة في منزلهم تقوم بكل أعمال المنزل دون أي رفض أو اشمئزاز في إحدى أيام امرتها المديرة بنزع الغبار العالق في السقف، فهذا لا يعقل وكوميشة كانت تسرد لنا بعض مشاكل المعاقين في البلاد عبر لوحة فنية تدرس ظاهرة الدرج في جامعة وتأخر المتواصل بسببهم.
فكانت لوحة فنية تدرس ظاهرة الحب لأن المعاقة حكمها الاعدام في الحب ، ولوحة الفنية تدرس نوع النفاق التي تقوم به بعض الجمعيات التي تتكلف بهذه الفئة وتهمشهم طوال السنة وتتذكرهم في يوم الوطني والعالمي للمعاق.
ما هو شعورك وأنت تعتلين الركح والجمهور يصفق لك بحرارة؟
عرض “كوميشة” أحدث ضجةً فنية بعد عرضه في ولاية الأغواط ، كان جمهورها متفاعل مع كل احساس أقدمه، فكانوا يضحكون عندما أضحك ويبكون عندما أبكي، أنا أفتخر لأني عشت هذه الأجواء الرائعةً التي زادتني أملا. شعوري لا يوصف تمنيت أن لا ينتهي العرض بسب ردة الفعل التي تلقيتها، كان الجمهور يصفق وينادي بإسمي شعور لا يعوض بصراحة وأنا أريد دائما أن أكون في هذه المكانة وأكثر.
لما تطمح له نسيبة في المسرح وفي حياتها الشخصية؟
طموحي في المسرح أن أكون دائما في القمة وأترك بصمتي في الساحة الفنية، أن أكون مميزة بكل عرض أقدمه على ركح المسرح وأن أصل إلى هدفي الذي أعمل من أجه وهو شاشة التلفزيون. أما في حياتي الشخصية أريد أن أكمل دراستي وأبرهن لجميع الناس أن أمتلك الحق في كل ما ظننتم أنه ممنوع ومستحيل بالنسبة لي بكوني صنفت فقط في خانة “المعاقة”.
ما هي رسالتك في الحياة؟
الحياة قصيرة ونحن بمثابة ضيوف وأنا راضية بما كتبه الله لي، فأنا لا أكره إعاقتي لأني أحبها وهي حافزي في هذه الدنيا، وعليه جميعكم لكم الحق في العيش كما تريدون أنتم ليس غيركم، تقبلوا حكمة ربكم لأنه هو الوحيد الذي يخلق ويرزق ويحي ويميت، رسالة للفئة التي أنا منها أقول لا تصنعوا الحواجز بأيديكم فإعاقتكم سلاح فتاك ذو حدين إما أن تبرز نفسك وإما أن تدفنها وفي الأخير أنت حر في قرارك.