ماذا قال المؤرخون عن تلمسان الجزائرية!؟

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

لا شك وأن الجميع يعرف قيمة مدينة تلمسان التاريخية ومكانتها الرفيعة كحاضرة من أشهر حواضر المغرب العربي وشمال إفريقيا، وهي المدينة التي داع صيتها في الفترة الوسيطة بعد الفتوحات الإسلامية، وبلغت أوج عظمتها في الفترة الزيانية المبكرة، حتى صارت أشهر حواضر العلم والثقافة والعلوم في عموم الغرب الإسلامي بدون منازع ، ولم تضاهها في ذلك أي مدينة أخرى في المنطقة باستثناء قرطبة حاضرة الأندلس، ولمعرفة الأهمية البالغة التي بلغتها مدينة تلمسان في العصر الوسيط وجب الوقوف عند شهادات مشاهير نخبة المؤرخين الذين تحدثوا عنها، وتركوا شهاداتهم لتحكي المكانة الرفيعة التي بلغتها تلمسان بين أقرانها من مدن وحواضر المنطقة.

شهادة إبن خلدون :

والبداية بشهادة أعظم مؤرخي العصر الوسيط إبن خلدون الذي يقول:

” ولم يزل عمران تلمسان يتزايد، وخطتها تتسع الصروح بها بالآجر والفهر تعلى وتشاد إلى أن نزلها آل زيان وإتخذوها دارا لملكهم، وكرسيا لسلطانهم، فاختطوا بها القصور المؤنقة، والمنازل الحافلة، وإغترسوا الرياض والبساتين، وأجروا خلالها المياه ، فأصبحت #أعظم_أمصار_المغرب، ورحل إليها الناس من القاصية، ونفقت بها أسواق العوم والصنائع، فنشأ بها العلماء واشتهر فيها الأعلام، وضاهت أمصار الدول الإسلامية والقواعد الخلافية، والله وارث الأرض ومن عليها ” (1)

وها أنت ترى إبن خلدون يصفها بأعظم أمصار المغرب وهو المؤرخ المتمكن وعالم الاجتماع الحذق الذي زارها وزار معظم أمصار المغرب بما مكنه من عمل هذه المقارنة الموضوعية.

شهادة القلقشندي:

“وهي مدينة على سفح الجبل، ولها ثلاثة عشر بابا، وماءها مجلوب من عين على ستة أميال منها، وفي خارجها أنهار وأشجار، ويستدير بقبليها وشرقها نهر يصب في بركة عظيمة من آثار الأول، ويسمع لوقعه فيها خرير على مسافة، ثم يصب في نهر آخر بعدما يمر على البساتين ، ثم يصب في البحر، وبقعتها شريفة كثيرة المرافق ، ولها حصون كثيرة ، وفرض عديدة”(2)

شهادة الحميري:

“ومدينة تلمسان مدينة عظيمة قديمة، فيها آثار للأول كثيرة تدل على أنها كانت مملكة للأمم السالفة”(3)

#شهادة_مارمول_كاربخال (مؤرخ إسباني):

“إن مدينة تلمسان أصبحت في عهد أبي تاشفين من العظمة بمكان، حتى كانت تضم ستة عشر ألف دار مسكونة، وتقام فيها أغنى تجارة إفريقيا” (4)

شهادة الحسن الوزان:

تحدث الحسن الوزان عن سهل تسالة الذي يقع بجوار تلمسان والذي يصفه بأنه أخصب أراضي المغرب فيقول: “سهل كبير يمتد على مسافة نحو عشرين ميلا ، وينبت قمحا جيدا جميل اللون غليظ الحب، يمكنه وحده أن يزود تلمسان بما تحتاجه من حبوب”(5)

شهادة العبدري

“سورها أوثق الأسوار وأصحها” (6)

شهادة لسان الدين الخطيب:

حيا تلمسان الحيا فربوعها      __   صدف يجود بدره المكنون

ما شئت من فضل عميم إن سقى __ أروى ومن ليس بالمنون

أو شئت من دين إذا قدح الهوى __ أورى ودنيا لم تكن بالدون

و رد النسيم لها بنشر حديقة __ قد أزهرت أفنانها بفنون

وإذا حبيبة أم يحي أنجبت __ فلها الشفوف على عيون العين(7)

شهادة محمد بن يوسف القيسي الثغري:

تاهت تلمسان بدولته على __ كل البلاد بحسن منظرها الجلي

راقت محاسنها ورق نسيمها __ فحلا بها شعري وطاب تغزلي

عرج بمنعرجات باب جيادها __ وافتح به باب الرجاء المقفل

و اغد إلى العباد منها غذوة __ تصبح هموم النفس عنك بمعزل

وضريح تاج العارفين شعيبها __ زره هناك فحبذا ذاك الولي

فمزاره للدين والدنيا معا __ تمحى ذنوبك أو كروبك تنجلي

وبكهفها الضحاك قف متنزها __ تسرح جفونك في الجمال الأجمل (8)

شهادة القزويني:

أما القزويني فقد ذكر أن تلمسان هي مدينة الجدار التي ذكرها الله عز وجل في قصة الخضر وموسى ، فيقول: “فانطلقا حتى آتيا أهل قرية إستطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما ، فوجدا جدارا فيها يريد أن ينقض فأقامه، وقيل أنه كان جدارا عاليا عريضا مائلا ، فمسحه الخضر عليه السلام بيده فاستقام” (9)

وشكك إبن خلدون في هذه الرواية حين كتب يقول: “فأمر بعيد عن التحصيل لأن موسى عليه السلام لم يفارق المشرق إلى المغرب، وبنو إسرائيل لم يبلغ ملكهم لإفريقية فضلا عما وراءها” (10)

ولكن ما ذكره إبن خلدون قد لا يصح بالضرورة ، لأن موسى عليه السلام ليس محتما عليه بالضرورة أن يمشي فقط في المناطق التي وصلها ملك بني إسرائيل ، كما أنه لما إنطلق في رحلته مع الخضر عليه السلام كان يخفي هويته الحقيقية كنبي ، تماما مثلما فعل الخضر، وهذا ما سمح لهما بالدخول إلى مدينة الجدار كغرباء ، ولو دخلها كملك من ملوك بني إسرائيل لصعب عليه الأمر ، واليوم توجد قرية في تلمسان تسمى قرية “يوشع” نسبة ليوشع بن نون غلام موسى الذي أصبح لاحقا نبي ، وهناك مؤرخين آخرين فصلوا كثيرا في كون تلمسان هي مدينة الجدار ، قد نتكلم حول الموضوع في فرصة أخرى بحول الله.

أ. مراد كحلوش

________________________

(1) إبن خلدون عبد الرحمن، كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر ، ج7 ، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع ، بيروت، 2001، ص105

(2) القلقشندي أبو العباس أحمد، صبح الأعشى في صناعة الإنشا، المطبعة الأميرية، القاهرة، 1915، ج5 ، ص150

(3) الحميري محمد بن عبد المنعم، الروض المعطار في خبر الأقطار، تح إحسان حقي، مكتبة لبنان، بيروت ، ط2 ، 1984، ص135

(4) مارمول كاربخال ، إفريقيا ، ترجمة محمد حجي وآخرون، دار نشر المعرفة، الرباط، 1989 ، ج2 ، ص302

(5) الوزان الحسن بن محمد الفاسي، وصف إفريقيا، ترجمة محمد حجي ومحمد الأخضري، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ط2 ، 1983 ، ج2 ، ص 25

(6) العبدري محمد البلنسي، الرحلة المغربية، بونة للبحوث والدراسات، 2007 ، ص139

(7) المقري أحمد بن محمد التلمساني، نفح الطيب في غصن الأندلس الرطيب، دار صادر، بيروت ، 1968 ، ج6 ، ص 427

(8) محمد بن يوسف القيسي التلمساني ، (ت1389م)، الشهير بالثغري، من شعراء بلاط السلطان أبي حمو موسى الثاني ، له الكثير من القصائد نقل بعضها يحي بن خلدون في البغية، والمقري في أزهار الرياض

(9) القزويني زكريا بن محمد بن محمود ، آثار البلاد وأخبار العباد، دار صادر ، بيروت، ص172

(10) إبن خلدون، كتاب العبر ، ج7 ، ص102

 

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x