رسالة باريس الثقافية هل يتحقق كحلم في وطني قبل أن يحفر قبري؟ ؟

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

مازال كتاب “حفارو القبور”  يصنع الحدث الإعلامي والثقافي رغم الطغيان الطبيعي على حملات انتخابية لمرشحين يريدون إزاحة الرئيس الحالي بأساليب هابطة، إنها الأساليب التي أصبحت تثير سخرية العالم ، على طريقة الرئيس الراحل بوتفليقة الذي حكم ظاهريا “بلاد ميكي” جالسا مترهلا بكل المعايير السيكولوجية والبدنية التراجيكوميدية على كرسي متحرك يستحق متحفا لوحده.

أضحت الحملات السياسية الفرنسية تراجيكوميدية هي الأخرى، بالصحفي والكاتب إريك زمور الذي حول حقده للإسلام وللمهاجرين، وليس للإسلاميين فقط كما يدعي إلى ورقة انتخابية صفراء بشكل مقزز ومنفر غير مسبوق، وبقدر ما أكد كتاب “حفارو القبور”  لصاحبه الصحفي المستقل فيكتور كاستاني صحة حديثي عن فرنسا الأنوار التاريخية التي أعشقها دون خشية من وخز ضمير ودون أدنى عقدة كجزائري يفتخر بشهداء وطنه، بقدر ما أكد زمور على فرنسا الظلمات والتراجع والتردي ، وهذا ما قلته عبر قناة “فرانس 24” في برنامج ثقافة الذي تقدمه الزميلة ليانا صالح بمهارة احترافية ردا على أسئلتها الوجيهة لحظة تقديم كتابي “أحب وطني رغم أنفكم …صحفي وسط الحراك “، و”أنوار في ليل كورونا”.

كاتب هذه السطور الذي لا يتردد في التذكير بكتابيه محقا، بعد أن أغلق بعض المرضى  الإعلاميين والمسؤولين التراجيديين في وجه باب خدمة وطنه، يقدم في هذه الرسالة نموذج نور فرنسي جديد في زمن زمور الظلامي، وأفعل ذلك هذه المرة، متحدثا عن كتاب تسبب في معاقبة وتنحية مسؤولين مارك نتليين فاسدين تاجروا بحياة الآلاف من المسنين الذين تغص بهم دور العجزة في مجتمع تلاشى روحيا وأخلاقيا إلى درجة أصبحت فيه النزعة المادية والتجارية سببا كافيا لترك الآباء والأمهات فريسة للعزلة القاتلة، وهو الأمر الذي رفضته عائلتي لأمي الجثة الحية التي تنعم برعاية خرافية.

قراءة في الصحف الباريسية الشهيرة وغير الشهيرة ، والنخبوية والشعبية، تثبت بما لا يدع مجالا للشك أن فرنسا تبقى مرجعية حضارية وثقافية انسانية إستثنائية رغم كل علاتها وهناتها الزمورية واللوبانية الصارخة والصلبة واليسارية الناعمة.

كتاب “حفارو القبور” فوق كل التيارات والحساسيات الإيديولوجية المتعاركة بمهنية تخترق الأمر الثقافي والأخلاقي العادي الذي سمح لصحفي مستقل أن يقوم بتحقيق دام ثلاثة أعوام في سرية تامة أضحت درسا في ممارسة إعلامية، أحلم أن تعرف طريقها يوما في البلدان العربية والإسلامية، ومنها الجزائر الذي يتفرج فيها الإعلام على انحرافات أكدت إذلال المثقفين وغير المثقفين بشكل غير مسبوق.

كتاب “حفارو القبور” يعد حتى ساعة كتابة هذه السطور الكتاب الأكثر مبيعا في كل أنحاء فرنسا حسب صحيفة “لو باريزيان” الصادرة قبل يومين، اشترى الفرنسيون كتاب كاستاني ـ الذي كشف عن الاستغلال غير الإنساني الدي يتعرض له المسنون في المؤسسات المعنية المتخصصة في رعايتهم والتابعة لفوج ” أوربيا ” ـ ، 72 ألف نسخة في الأسابيع الثلاثة الأولى من تاريخ صدوره حسب استطلاع مؤسسة “جي أف كا” لمجلة” الكتب الاسبوعية ، وتقدم كتاب كاستاني بذلك رواية “العالم الكبير” لبيار لوماتر وكتاب “الأرض الموعودة “للرئيس الأمريكي الشهير السابق باراك أوباما و كتابي كامي كوشنير( العائلة الكبيرة ) التي ندت فيه بزنا المحارم وفانيسا سبرينغورا (الموافقة ) التي تناولت في روايتها هشاشة المراهقة.

الأمر الذي ترك “صوفي دو كلوزتس” مديرة دار فايار للنشر تقول: “إنها حالة جنونية”، تعمق أكثر لاحقا، حينما أضافت مستطردة : “كتاب أوباما انطلق بسحب قدر بـ 180 ألف نسخة مقابل 18000 ألف لمؤلف الكتاب الفرنسي، ورغم الفارق الملحوظ في السحب الأولي، استطاع الكاتب الفرنسي أن يحدث الفارق النوعي غير المسبوق في فترة قياسية خلال الأسابيع اللاحقة لصدور كتابه بإعادة طبعه عشر مرات وبيعه 200 ألف نسخة، بعد نشر صحيفة “لو موند” بعض الأجزاء الهامة من الكتاب قبل أن يشتري الفرنسيون الكتاب كما نشتري الخبز، هز الكتاب فرنسا سياسيا، ولم يتردد أي سياسي مرشحا كان للانتخابات الرئاسية أم لا في الدعوة إلى إعادة النظر في تسيير المؤسسات التي حفرت قبور الزبائن المسنين وهم أحياء يرزقون بمهارة ماركنتلية متقدمة. وتم ذلك ، في الوقت الذي كان فيه مؤلف الكتاب يقاوم التهديدات التي وصلته من أطراف لها علاقة بالمؤسسات القاتلة، ولأن الكاتب يؤمن بواجبه المهني ولا يتاجر به، استطاع أن يجابه كل أنواع التهديدات والإغراءات بما فيها رفضه رشوة تقدر بـ 15 مليون يورو مقابل عدم نشر كتابه.

كتاب “حفارو القبور” الذي صدر في 400 صفحة من القطع الكبير، حرر الكلمة حسب تعبير مديرة دار ” فايار” الفرنسية، وأعطى بعدا غير مسبوق لحملات المرشحين للانتخابات الرئاسية تماما كما فعل موليير في قبره، والذي خرج من رماده كالعنقاء على لسان فاليري بكريس المرشحة الشقراء الجميلة والوديعة التي طالبت بإدخال صاحب مسرحيات “طرطوف” المخادع والمحتال مقبرة العظماء،  كم من “طرطوف” إيديولوجي في أوطان المعمورة البشرية بوجه عام، وفي أوطان جلدتي اللغوية والدينية والحضارية والفكرية  بوجه خاص، وهل من حقي أن أحلم بكتاب يباع في وطني كما بيع كتاب “حفارو القبور” قبل أن يحفر قبري؟.

بقلم الكاتب والإعلامي: بوعلام رمضاني

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x