غرداية. . ثقافة وتميز في صنع الزربية

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

إن الناظر إلى الزرابي الميزابية ذات الألوان والرموز والشارات الفريدة، والتي يمكن تميزها عن زرابي الأغواط وتيزي وزو، ولشهرتها المتوارثة بزربية الميزابية وزربية بني يزقن يحتفل سكانها بها تقديسا لأهميتها في المنطقة وهي التي تعادل الذهب والحلي من حيث القيمة للعروس.

صفوان سعيد

محفوظ بن سليمان: “زربية غرداية صناعتها من أنامل النسوة ميزة حقيقة

أوضح “محفوظ بن سليمان” لـ “أهل الفن” وهو الذي لا يزال وفيا للباسه التقليدي المعروف في غرداية والذي يعتبره كترويج للثقافة الميزابية، أن المرأة في غرداية هي التي تصنع الزربية وتحترف في ابداعها، وهم كرجال يقدمون لهم نوع الأقمشة الخاصة بالصنع ومن ثم يقومون ببيعها، مبرزا أن المرأة وحدها من يمكن أن تقوم بنسج الزربية، نظرا لصبرها اللامتناهي وطول بالها، خلافا للرجل، حيث تبقى لساعات طويلة، تنسج صوف الغنم وتبدع بصنع تحف بألوان متناسقة للزربية بأناملها.

وبخصوص عيد الزربية المقام في غرداية سنويا، أشار أنه ينظم كل شهر مارس سنويا وهو الذي وصل لأكثر من 50 طبعة، وقال “تتميز زربية غرداية عن زرابي الأخرى بكونها صنع اليد وليس الآلة، وما زلنا نحتفظ بالحرفة ونعرض تقاليدنا وثقافتنا في الجزائر وخارجها، حيث نجد الأخر متطلع وشغوف لمعرفتنا والتقرب من ثقافتنا حيث شاركنا في كل من معرض باريس وألمانيا واسبانيا، ولقينا اقبالا كبيرا والمعارض كانت لقها صدى ووقع خاص.”

وعن تراجع زربية غرداية قال محفوظ بن سليمان، أنه منذ أعوام تراجعت صنع الزربية عند النسوة الميزابيات، خاصة في سنوات التسعينات، لكن مع مطلع الألفية عاد ظهور حرفة الزربية من جديد، والتي عادت لتكون قوة لإظهار الإنتاج الميزابي النسوي في الزربية.

ويقدم بن سليمان في جل المعارض الذي يشارك بها أكثر من 70 زربية بمختلف الألوان والأحجام، وفي ظل ذلك قال “زربية غرداية تتميز بألوانها الجميلة ورموزها العريقة التي تعبر عن المثرد والمشط وحلي العروس وأدوات النسج، كما أصبحنا نعتمد على ألوان جديدة تلبية لذوق وطلب الجمهور، مثل اللون الأزرق والأخضر والبرتقالي والأبيض والرمادي الفاتح، في حين حافظنا على نفس الرموز، وإن لم نعد نضعها في ترتيبها المألوف”.

فريدة بابا عمر حاج عيسى: “اشتغلت في مجال الصناعة التقليدية بغرداية لإبرازها”

قالت فريدة بابا عمر حاج عيسى صاحبة وكالة سياحية لـ “أهل الفن”: “اشتغلت في مجال الصناعة التقليدية بغرداية، لإظهار المنتوج التقليدي إلى الأخر، ومن واجبنا التعريف بثقافة الصحراء وغرداية على وجه الخصوص وهي التي تتميز بزربية ذات نوعية خدمة احترافية عالية، وعليه من لم تكن له فرصة الذهاب لزيارة بني ميزاب نقربهم منها عن طريق تنظيم المعارض.”

مهرجان عيد الزربية في غرداية تقليد منذ أكثر من 50 سنة

يعتبر مهرجان عيد الزربية في غرداية، تقليدا راسخا منذ أكثر من 50 سنة، ويتميز بمشاركة عدد كبير من ولايات الوطن وحتى من دول عربية، كما يجلب ما بين 5 إلى 10 آلاف سائح من الجزائر ومن دول عربية وأوربية، حيث يتميز “مهرجان الزربية” بعاصمة وادي ميزاب، بمرور عربات مزينة بالزرابي تجوب في موكب رائع بعضا من شوارع المدينة، تحت تصفيقات الجمهور وزغاريد النسوة، حيث تتنافس هذه العربات على جائزة أجمل عربة، بعد أن تمر بلجنة تحكيم في المنصة الشرفية، ويتخلل مرورها فرق الخيالة والبارود مصحوبة برقصات فلكورية.

كما يسعى المشاركون في هذه الطبعة عبر كل عربة إلى إبراز خصوصيات وإمكانات الصناعة التقليدية بكل منطقة من ربوع ولاية غرداية لاسيما في مجال صناعة الزرابي، إلى إبراز دور المرأة في صناعة وترقية الصناعة التقليدية، من خلال إبداعها واتقانها ومهارتها في صناعة الزربية، التي تعتبر فخرا لكثير من النساء الجزائريات.

وتعتبر زربية قصر غرداية العتيق هي المرجع الأساسي بالمنطقة، حيث تتميز هذه الزربية التي تنسج عادة على سطح أبيض برموزها الخاصة والمعبرة عن بعدها الاجتماعي والثقافي، وبالمقابل يعد صنف ”الحنبل” الذي يتمثل في سجادة منسوجة ومزينة بخطوط وأشرطة مصممة بأناقة على خلفيات تحمل ألون متعددة كالأسود الداكن والبني الفاتح الموشح باللون الأحمر القرميدي مرجعا آخر لزربية وادي ميزاب وقصر بني يزقن على غرار ”تاورت” و”أنشان” و ”أنجم” والتي يكمن الاختلاف فيما بينها إلا من حيث الحجم.

من القرارة التي تقع بمنطقة شبه رعوية إلى المنيعة الصحراوية مرورا بمتليلي الشعانبة والمحطة الحموية زرلفانة وكل ولاية غرادية ببلدياتها 13 التي تعرض عبر هذا الموكب إمكاناتها التي تزخر بها في مجال الصناعات التقليدية بحضور جمهور غفير جاء ليحتفل ببداية الربيع الغرداوي.

ويجدر الذكر أنه بمدينة غرداية تملك كل عائلة منسجا خاصا بها، وليس هذا فقط، بل يعد من بين الأثاث المنزلي، كما تجدر الإشارة إلى أن تعداد النساء الحرفيات اللواتي يشتعلن في هذا المجال بالبيوت أو ضمن تعاونيات قد بلغ نحو 20 ألف امرأة.

الزربية في الجزائر متواجدة قبل 5 آلاف عام

يعود تاريخ صناعة الزربية في الجزائر تعود إلى 5 آلاف سنة، وهي تنسج بواسطة الصوف أو الصوف الحر، حسب الطلب وحسب النوعية، ويتم شد خيوطها بدقة كبيرة لإنجاز الرموز والأشكال الهندسية التقليدية التي تميز كل زربية بمفردها، وعادة ما تعبر هذه الرموز عن الأدوات القديمة، التي كان يستخدمها السكان المحليون الأمازيغ، مثل الغربال، والفانوس وآلة تصفية الصوف، التي تسمى القرداش ويستعمل في عملية النسج.

وبخصوص رموز وألوان الزرابي نجدها تحمل دلالات اجتماعية، حيث تعكس القيم المجتمعية، منها العلاقات الأسرية، وذلك عبر تلاقي المربعات والأشكال الهندسية وحروف من اللغة الأمازيغية، تحمل فيها بعدها الانساني وتعكس تراث الجزائر القديم الأمازيغي والبريري المحافظ.

الزربية تعادل الذهب والحلي من حيث القيمة للعروس

وعن تنوعات الزرابي في الجزائر، نجد أن الجزائر تتميز بستة أنواع رئيسية من الزرابي، هي زربية بابار الأمازيغية بالشرق الجزائري، وزربيتي النمامشة والحراكتة بالشرق أيضا، وهي نوع من السجاد الرفيع المنسوج بالصوف، وقادر على منافسة أفضل أنواع السجاد بالعالم، إضافة إلى زربية العمور، وهي سجاد عربي تنتجه نساء إحدى قبائل الغرب، وزربية غرداية في الجنوب، وأخيرا زربية منطقة سيدي بلعباس بالغرب، وتسمى الحنبل، وهي نوع من السجاد المنسوج بالصوف، وإن كانت هناك أنواع أخرى كزربية “قصر الشلالة” وزربية “المعاضيد”، لكنها تشترك جميعها في أنها تكشف عن التراث الشعبي الجزائري الفاخر والأصيل.

يتم استخلاص ألوان الزربية من الموارد الطبيعية والأعشاب، منها عود شجرة الجوز البني، والعود الأصفر، وهو بهار هندي للون الأصفر، وحب الرمان المجفف لتثبيت الألوان، وعشبة شقائق النعمان للون الأحمر القرميدي، وحجر النيلة لاكتساب اللون الأزرق، وحجر المغرة للحصول على اللون الأسود.

وتستخدم الزربية في تزيين غرف استقبال الضيوف والجدران، وهي ميزة البيوت في الجزائر قديما، وبالنسبة للأعراس تعادل الزربية الذهب والحلي من حيث القيمة، حيث ذاع صيت الزربية الميزابية عالميا في السابق مع ازدهار السياحة.

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x