لا يكاد فن النحت في الجزائر يتنفس، ولا تزال تلك المنحوتات مكدسة في بيوت وورشات أصحابها الذين ولدوا بشغف وحب هذا الفن المغيب في الجزائر، فلا السوق يقبل منحوتاتهم من التماثيل والخشب،النحاس، الحديد، البرونز، وغيرها، ولا المواطن البسيط يمد يده اليها ويتمعن ويتدوق ما تحمله من جماليات؟
توجد نظرة مغايرة لهذا الفن في الجزائر، وهناك احتمالين يمكنهما أن نفسر هذا الوضع، اما أن نقول بأن النحت لم ير النور بعد ولم تمنح له تلك المكانة التي تليق به، فالمعارض وحدها لا تكف للتعريف وللترويج لهذا الفن، واما أن مجتمعنا لا يعطى اهتمام كبير له لعدة اعتبارات، فهو محصور عند البعض بالتماثيل ومعبد امون فقط.
وبالحديث عن النحت على المعادن فهو مهنة وفن في ان واحد، غير ان هذا النوع عجز عن فرض نفسه في الجزائر، بالرغم من العدد الكبير للفنانين الذين يبدعون في هذا المجال بأدواتهم البسيطة على غرار أقلام الحز والطرق التي ما ان يمسكها اصحابها حتى تنساب منها أشكال هندسية وخطوط وأشكال وكتابات لكل منها حكاية.
وبالعودة الى الوراء، كان العرب المسلمون يستغلون مهاراتهم النحتية في صنع أشياء ذات قيمة تاريخية وفنية فنحتوا الزخارف المستوحاة من الأشجار والأزهار، والأشكال الهندسية، وزيَّنوا بها المساجد والمباني المختلفة. كما قاموا بنحت الآيات، والأحاديث والمأثور من القول والحكمة على الحجر والرُّخام والمرمر.
النحت أداة فنية راقية بحاجة الى انعاش والتفاتة جادة تمكنه من البقاء، وهذا لا يتحقق الا بالتعريف به وبنشأته ومراحله وأغراضه التي كان يخدمها منذ القدم منها التاريخية والتخليدية والدينية، فهل سنعيد الروح لهذا الفن المغيب؟
بقلم: زكرياء دربيخ