كمال مسعودي فنان خلدته أغانيه عن الأم والوطن والهجرة والحب، رحل قبل أيام من زفافه على أيد إرهاب الطرقات من شتاء 1998، ومن أغانيه “الشمعة” واحدة من روائع التي قدّمها في عنفوان الأزمة الأمنية التي مرّت بها الجزائر سنة 1991 حيث انفجر العنف والدم، فتغنى مسعودي فيها بـ”الأمل” رغم صعوبة الوضع، وكانت أولى أعماله التي أخرجته إلى النور . عرف بفنه الملتزم في الشعبي وأغرى ماجدة الرومي وسعد المجرد.
مغني الشعبي الجزئري كمال مسعودي ولد في 30 يناير عام 1961 في بوزريعة بالجزائر العاصمة، كبر داخل أسرة قبائلية متواضعة تتحدر من بلدية أزفون في ولاية تيزي وزو، سار كمال مسعودي على نهج أخيه الأكبر الذي كان موسيقيا، حيث كانت بداياته عام 1974 عندما اختير لعضوية الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وكون مجموعة موسيقية وهو ما يزال طالبا.
وقد كان شهمًا وكانت أغانيه مفعمة بالكلمات العذبة، وقد أسر قلوب الملايين من هذا الشعب لسر لكلمات التي كان يتغنى بها ويعبر فها عن مآسي تارة وأفراح الشباب تارة أخرى.
ومن أغانيه “الشمعة” التي أعادت تقديمها المطربة اللبنانية ماجدة الرومي تخليدا لذكرى كمال مسعودي، وحين قررت الأداء باللهجة الجزائرية وضعت يدها على “جرح الملايين” ممن افتقدوا المطرب الذي “لا يبتسم”. كما غنّاها الفنان المغربي سعد لمجرد وأعاد توزيعها، وحرص على أدائها في جميع حفلاته، إلى جانب حمزة نمرة وغيرهم، ولا تعد “الشمعة” الأغنية الوحيدة التي يترحم الجزائريون على روح مسعودي لتركها إرثا لهم.
ولا تزال تُبكي الجزائريين أغنية “نجوم الليل” التي أعاد أداءها شباب ركبوا قوارب الموت واختاروا الهجرة نحو المجهول هربا من وضعهم الاجتماعي الصعب في بلادهم، يقول مسعودي فيها “خليت بلادي ورحت لبلاد الناس تكواو كبادي.. ليل نهار عسّاس “.
“ومن أغانيه أيضا أنا وأنت يا قيثارة”، “يا حسراه عليك يا الدنيا”، “كلثوم”، “رايح مرهون”، “يا يما” (رثاء الأم)، “يا الدزاير راه طاب القلب”، “واحد الغزيل”، “الحنة”، “آش تفيد”، “كيفاش أنا نحبك”، “مولات السالف الطويل”، “محال أنا ننساك”، “وين رايحة”، “ما نزيد نخمم” .
كما تغني بـ “والله ما دريتك”، “مشيتي وما شفتي موراك”، “ما بقات رجلة”، “من حب هاد الغزالة”، “يا الحبيبة ما تبكيش”، “يا عروس – عزيز عليا – أنت الحبيب”، “روح يا زمان” (سامحيني)،” يا محلى الليل”، “الوداع”، “نحلم بيك” هي أغاني ملتزمة وأخرى أضفيت عليها مسحة من الكآبة ومعبر منها عن الحب والوطن المجروح في تلك الفترة الملقبة بالعشرية السوداء، فكان الفنان الذي يدخل قلوب الناس ويصف حالهم عبر أغانيه.
ترك “رائد موسيقى الشعبي”، أزيد من 90 أغنية موزعة على 16 ألبوما، أدّاها عبر مسيرة فنية بدأت سنة 1991 وأنهاها الموت حين باغت مسعودي على الطريق السريع بالعاصمة في ليلة من ليالي ديسمبر الماطرة من عام 1998.
وكان آخر كلام قاله كان في القناة الأرضية الجزائرية يوم وفاته حيث سأله المنشط، وهو المطرب سيد علي دريس: “لماذا لا تحفظ أغاني الحاج العنقاء؟”، فرد عليه كمال مسعودي بأنه من الأفضل عنده حفظ آيات القرآن الكريم حتى يجدها ذخرًا له يوم القيامة.
صفوان سعيد