مرت الذكرى السادسة لوفاة عميد الصحفيين الجزائريين الاستاذ الصديق الطاهر بن عيشة (1925 – 2016). كان عمي الطاهر، هكذا كنا نُجلّه، موسوعة ثقافية متنقلة، حفّاظة من نوع استثنائي، ومجادل في التاريخ الاسلامي لا يُغلب، ورحالة لا يتعب، وبعد ذلك كله كان حاضن جيل من الصحفيين الذين أصبحوا فيما بعد اسماء أعلام في الصحافة الجزائرية.
كان أول صحفي جزائري يرحل بالكاميرا في أدغال إفريقيا، ويسجل لنا صفحات ناصعة من الاسلام في افريقيا، وكان ذلك فتحا اعلاميا حين عرضه التلفزيون الجزائري في أوائل الثمانينيّات.
كما أفاد مؤسسة التلفزيون باستطلاعات متميزة حول الاسلام في جمهوريات ما كان يسمى الاتحاد السوفييتي سابقا، واعتبر ذلك سبقا صحفيا مصورا وموثقا في عصره.
وقبل ذلك كان قلما متميزا في الصحافة المكتوبة ومن بين المؤسسين لمجلة الثورة والعمل، ثم كتب سلسلة مقالات في مجلة الوحدة، وفي صحف وأسبوعيات أخرى بداية من منتصف التسعينيات.
عانى كثيرا من الضغوط البيروقراطية والسياسية في حياته، وانتهى به المطاف أنه كان مهددا من إرهابين، كما قال، إرهاب الإدارة الجزائرية وإرهاب الإسلاميين الذين لم يعرفوا اسلام ابن رشد وابن حزم… وكان ابن حزم نموذجه في العلم والحجة.
اعتزل العمل الصحفي، ومن ثمة الكثير من الناس في أواخر عمره، وخاصة بعد أن أصيب بمرض الزهايمر، وكان ذلك من تناقضات الحياة، فذاكرته التي وسعت كل ذلك التاريخ والفكر، الذاكرة المتوقدة، الحفّاظة، المتخمة بالتفاصيل والجزئيات،، خانته في آخر عمره.
رحم الله عمي الطاهر بن عيشة، الصحفي والمناضل وأستاذ جيل كامل.
عبد العزيز غرمول