مذكرات لخضر بن طوبال.. ملحمة الشعب الجزائري

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

أنهيتُ قراءة الجزء الأول من مذكرات لخضر بن طوبال، التي جاءت في مجلد ضخم في حوالي 400 صفحة من القطاع الكبير، سماها مذكرات الداخل، لأنها تتوقف في تاريخ انتقاله إلى تونس. قرأتُ نصفه قبل أن أجري عملية جراحية على القلب، وأكملته البارحة في فترة النقاهة.

وجدتُ في قراءته متعة كبيرة إلى جانب المعلومات التي يحملها حول الحركة الوطنية والثورة، أجيز لنفسي القول بأنّ الكتاب يمثل ملحمة الشعب الجزائري في الفترة التاريخية ما بين أحداث 8ماي 1945 ونهاية الخمسينيات. تمثل المذكرات سردا لنضال التيار الراديكالي في الحركة الوطنية، تيار الحركة الوطنية لانتصار الحريات الديمقراطية، الذي تمتد جذوره إلى حزبي “نجم شمال إفريقيا” و”الشعب الجزائري”. والذي كان يعبر عن موقف عموم الشعب.

يتوقف بصفة خاصة عند نشاط هذا التيار وأهم قياداته والمنظمة العسكرية OS، ثم مجموعة 22 التي أعلنت بيان نوفمبر وانطلاق الثورة وحوادث 20 أوت 1955، وكذلك مؤتمر الصومام ونتائجه، والعلاقات ما بين الولايات وقياداتها، وما بين الداخل والخارج.

تكشف المذكرات عما كان يتمتع به صاحبُها من وعي وطنيّ ذي طبيعة نظريّة وعملية في نفس الوقت، أنضجته الممارسة والالتزام. وعن تجربة في التنظيم والقيادة تشكلت عبر السنين وكان لها دور أساسي في قيادة ولاية الشمال القسنطيني (الثانية)، وفي تدعيم الوحدة الوطنية في مختلف مراحل الثورة. يقدّم رؤية للأحداث التي صاحبت اندلاع الثورة ومراحل استمرارها بمعية مناضلين قياديين معروفين من أمثال ديدوش مراد وزيغود يوسف.

من خلال المذكرات نتعرف على ما كان يحظى به كل من العربي بن مهيدي وعبان رمضان من تقدير لدورهما في مؤتمر الصومام وما تلاه. في المقابل عبرت المذكرات عن الحساسية التي كان يحملها صاحبها اتجاه الجماعات السياسية الوطنية التي التحقت بالثورة بعد اندلاعها (المركزيون، حزب البيان، جمعية العلماء الخ..)، وهي حساسية مدعومة بذكر صريح للمواقف وتعيين للأشخاص.

لابدّ من التنويه بالجهد الذي بذله المؤرخ دحو جربال في اختياراته المتعلقة بإثارة الموضوعات والتركيز على ما هو مهمّ تاريخيّا، وتوجيه صاحب المذكرات للحديث عن القاعدة الاجتماعية التي نفذت مشروع الثورة، والتنبيه لجوانب الحياة اليومية والعلاقات البشرية في مدينة قسنطينة وفي قرى الشمال القسنطيني وأريافه.

إذا ما كان دارسو السيرة الذاتية يتحدثون عادة على الميثاق الذي يعقده كاتب المذكرات مع جمهوره من القراء، نجد بالنسبة لمذكرات بن طوبال ميثاقا متعدد الأطراف: 1(صاحب المذكرات و2) محررها  والمجتمع الجزائري في فترة تاريخية معينة و3) قراء المذكرة. مما يمنح هذا المؤلف طبيعة خاصة.

أمنيتي أن تجد المذكرات كتابا للرواية يتفحصونها بإمعان  ويتخذون منها مادة لأعمال روائية تجسّد فصول الملحمة الجزائرية في فترة تاريخية مؤسسة للمجتمع.

بقلم: عبد الحميد بورايو

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x