ألفاظ أصيلة تكاد تندثر

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

كثيرا ما نردّد عبارات مثل “قصور ميزاب”، “قصر وارجلان”، “قصر تماسين”، “قصر سدراتة”، “قصر بوسمغون”، “قصور الساورة”، “قصر الشلالة”، “قصر إڤلي”، “قصر البخاري”، “قصور تاغيت”، “قصر القنادسة”، و”لقصر” ببجاية (بتسكين القاف وفتح الصّاد) …الخ وهي نماذج فقط لتسميات مئات التجمّعات العمرانيّة المسكونة أو المهجورة وكذا المندثرة بالجزائر، الّتي تتميّز بدورها بسمة وتضاريس معيّنين وأيضا بحفاظها على اللّسان الأمازيغيّ.

إنّما التّساؤل الّذي بموجبه أن يطرق مخيّلتنا هو : لماذا نسمّيها قصورا ؟ فمخيالنا يحمل مفهوما معيّنا للقصر مخالفا لما نراه أمامنا !

ربّما ما نبّهني إلى هذه الإشكاليّة حادثة صغيرة جرت الأسبوع الماضي؛ حيث اتّصلت بمكان معيّن للبحث عن إحداهنّ، فردّت عليّ زميلتها قائلة لي بالمتغيّر الأمازيغي القبايلي: “تصّوب آر اوڤسّار tssub ar ugessar ⵜⵙⵙⵓⴱ ⴰⵔ ⵓⴳⴻⵙⵙⴰⵔ”؛ وهو ما معناه أنّها نزلت إلى الأسفل، وتحديدا الطّابق الأرضي.

انتبهت كذلك إلى أنّه في المجتمع القبايلي لا يقال فقط لفظ “آڤسّار agʷssar ⴰⴳⵓⵙⵙⴰⵔ” ولكن يستعمل هذا الجذر اللّغوي كفعل أيضا، فيقال “أذ ڤسرغ ad-gesreɣ ⴰⴷ ⴳⴻⵙⵔⴻⵖ” أي أنزل من الجبل إلى القاع أو المدينة، وهو نفس الباراديغم اللّغوي الّذي يوظّف عند قولهم “اذ آذرغ   ad-adreɣ ⴰⴷ ⴰⴷⵔⴻⵖ ” بحيث اشتقّ هذا اللّفظ من “أذرار adrar ⴰⴷⵔⴰⵔ” الّذي يعني الجبل، وبالتّالي يفيد ذلك حرفيّا “نزول الجبل”.

– وجدت بالبحث أنّ لفظ “القصر”، مثلما وثّقته الكتابات، يتكرّر في كلّ التجمّعات الأمازيغية المعروفة بشمال إفريقيا. فمن أقدم قصور ليبيا وأبهاها قصر أمازيغيّ موغل في القدم يسمى “قصر نالوت”، ويقع على حافة جبل نفوسة وعلى ارتفاع 640 متراً عن مستوى سطح البحر.

كذلك، فهناك من بين النّاطقين بالأمازيغيّة في المغرب من يستعمل الفعل نفسه “أذ ڤسرغ  ad-gesreɣ ⴰⴷ ⴳⴻⵙⵔⴻⵖ” (مع وجود من ينطقه كافا) بمعنى النّزول من التجمّع السكّاني بالجبل إلى الأسفل. وهم معروفون بتجمّعات عمرانيّة أمازيغيّة عديدة كتلك الموجودة لدينا بالجزائر ومثالها: “قصر تاوريرت” (تاوريرت تعني الهضبة)، “قصر آيت بن حدو”، “قصر تامدّاخت”…الخ

– علاوة على ذلك، فالمنحدر يسمّى بالمتغيّر الأمازيغي المزابي “تاڤسّارت tagessart ⵜⴰⴳⴻⵙⵙⴰⵔⵜ”، كما أنّ فعله واسمه متوفّران أيضا لغاية اليوم عند بعض المتغيّرات الأمازيغية بالجزائر  على غرار المتغيّر القبايلي، كمتغيّر تيبازة حيث يقال “agʷssar” مع عدم نطق G غالبا وهو الإبدال المعروف فونولوجيّا بين نطق ال G والياء في بعض الحالات.

إذن، نلاحظ أنّ لفظ lagsar الّذي تمّ تعريبه هو ما تفيده كافّة هذه المعطيات اللّسانية والجغرافية (طبيعة التّضاريس) والمنطقيّة، باعتبار أنّ من أبرز عوامل الحفاظ على اللّغة الأمازيغيّة انعزال الإنسان في تجمّعات تعلو سطح البحر كالجبال والهضبات، ولا علاقة للّفظ بالمخيال النّمطي الّذي نحمله لمفهوم “القصر”.

إيمان كاسي موسى

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x