من تمنغست جنوبنا الحبيب، ولدت الشجاعة هناك من إمرأة صنعت حلمها، ومن بعيد جاءت لتعلن عن ركوبها موجة المسرح، متحدية ومغامرة بنفسها، لتصنع مجدها وتثبت نفسها على الركح فكانت المفاجأة من فتاة حالمة أرضخت مجتمعا ليحترمها وصفق عاليا لها، ليس هذا فقط وإنما كانت قدوة للكثيرات من نسوة تمنغست وأدرار وغيرها، فسارو على نفس نهجها، إنها المبدعة المحترفة ركحيا، صانعة الفرجة والتميز وهيبة بعلي.
حوار: صارة بوعياد
كيف كانت أولى خطواتك في الفن الرابع؟
البداية كانت صعبة بحكم انتماءه لمجتمع محافظ وبيئة محافظة ولكن بعد ما تؤمن بك العائلة الصغيرة ثم الكبيرة فالمجتمع، تكون الأمور سهلة للغاية على ما بدت عليه في البداية، ونتعلم دائما أنه إذا ما أحببت شيء بصدق وأبدعت فيه سيؤمن بك الكثير وهذا ما حدث بعد مرور سنوات، وبحبي للمسرح أجدني متحررة بأفكاري، محافظة على ثقافتي ومحترمة مجتمعي.
ما هي أهم التحديات التي واجهتك خلال ممارسته؟
أهم التحديات التي واجهتني في مساري للفن الرابع، أولا كيف تجعل مجتمعك يؤمن بك وبما تقدمه وبأهمية الرسالة التي تحملها ركحيا، وثانيا كيف تنقل موروثك وثقافتك لمتلقي آخر بعيد عن بيئتك وبلدك، وهنا رسالة أخرى نحملها كسفراء خارج الجزائر، ثالثا كيف تحقق ذلك المبدأ الأساسي أنه ومن محليتك تصل إلى العالمية وهذا ما أسعى وأطمح إليه حيث من محليتي ومن موروثي، ومن تمنغست يمكنني أن أصل إلى العالمية بدون التخلي عن هويته الصحراوية وبدون أن أقف على ظهر العولمة، وإنما أقف شامخة من الأهقار أينما كنت وأجعل الأخر يعترف به مهما كانت الثقافة التي ينتمي إليها.
كيف تجد الحركة المسرحية في جنوبنا الحبيب؟
توجد بالفعل حركة مسرحية في الجنوب الجزائر وبقوة، حيث نلاحظ أن هناك مهرجانات وأيام مسرحية ونشاطات يقدمها ممارسين المسرح في الجنوب وباستمرار، منها مهرجان النخلة الذهبية بأدرار، أيام المونودرام بالأغواط، الأيام الولائية للفرجة والضحك بأدرار. نجد انتاجات مميزة بطاقات إبداعية نمثل الجزائر بعروض مسرحية عربيا ودوليا، وعلى سبيل المثال وليس الحصر نجد عزوز عبد القادر في تمنراست، عقباوي الشيخ في أدرار، وغيرهم، وعليه هناك ثمرة مسرح في الجنوب، لكن ليست واضحة المعالم في الجزائر، فكممثلة أمثل الجزائر من تمنراست ولي أعمال أشارك بها خارج الوطن، وتتوج بعدة جوائز وتنال الاستحقاق من الأخر حيث تشارك بإمكانياتنا الخاصة لكن هنا في الجزائر لا صدى لأعمالنا، فلا ندري أين يكمن مشكل ذلك. وعليه الطاقات والامكانيات الابداعية موجودة وبقوة في كل المجالات الفنية، ولكن من ناحية المرافق والتكوين والمركزية في الإنتاج والتوزيع والدعم المالي ضعيفة جدا وبالتالي تكون الحركة مبتورة.
وكيف هي برمجة العروض في الجنوب؟
إن تحدثنا عن البرمجة عروضنا يقال لنا دائما نفس سلسلة الأحاديث التي تدعي بسياسة التقشف، فلماذا هذا القطع المتواجد في الجزائر، وحتى الجمهور العاصيمي لا يلاحظ ولا يتعب نفسه لمشاهدة العروض المبرمجة في إطار أيام مسرح الجنوب التي كان يحتضنها المسرح الوطني الجزائري، وحتى الممارسين المسرح في العاصمة لا يكلفونا أنفسهم لمشاهدتنا إلا القلة منهم، فنتساءل من هو المتلقي، فهل نأتي من الجنوب إلى العاصمة بحكم بناية كالمسرح الوطني، أو على أساس يوجد جمهور يشاهدنا، فنحن كجمعية صرخة الركح من تمنراست لا تصلنا العروض المسرحية، فمن حقنا مشاهدتها وبرمجتها في ولايات الجنوب، لكن في مرحلة ما كانت كل العروض المسرحية التي ينتجها مسرح الوطني في عهد بن قطاف تعرض في تمنراست، لكن اليوم بسياسة التقشف، قضت على الابداع والمبدعين.
هل الورش التكوينية في نظرك كافية أن تصنع ممثلا محترفا؟
لا طبعا، الورش التكوينية تكون مساعدة داعمة لكل عاشق للركح والمحب للتمثيل لكن لابد من التكوين المستمر والطويل المدى لكي يعود ممثلا محترفا بمعنى الكلمة، فالورش رغم أهميتها سواء في التمثيل أو الإخراج أو الكتابة في أيام معدودة تكون غالبا في إطار مهرجانات لا تخلق لنا ممثلا ومخرجا وكاتبا بين ليلة وضحاها، فهي غير كافية كما أشرت سالفا، وعليه نتمنى أن تكون مثل هكذا مبادرات على مدار الدهر وليس فقط مرتبطة بالمهرجانات لتخرج من نمط المناسباتية، ورغم كل هذه النقائص نحن موجودون فهناك من يبدع ويشتغل بإمكانياته الخاصة، حيث نتمنى أن تكون أولوية الدعم لصالح الجنوب، وبعيدا عن فكرة الشمال والجنوب هناك فرق وعروض مسرحية تنتج من حقها أن توزع ليراها الأخر.
ماذا تقول وهيبة عن كل من منودام “نوارة” و منودرام “ريق الشيطان”؟
من أحب الأعمال إلى قلبي عرضان بشكل خاص وبطعم آخر ، “نوارة” تلك الفتاة الحالمة التي كانت تبحث عن الحوار وتترجم الأحداث الواقعة في العالم من خلال ما يحدث في بيتها، اطياف من خلال “ريق الشيطان” تلك الابنة والزوجة والأم و الأخت التي تدافع عن أحلامها من خلال ترانيم الإمزاذ والرمل.
إن قلت لك صونيا ماذا تقول وهيبة المبدعة في حق هذه الأيقونة؟
ما عساي أقول في أيقونة الفن والجمال ، الانسانة والمبدعة، صونيا حباها الله بمواهب فذة ومسار حافل بالعطاء والابداع، رحلت عنا جسدا ولكن بقيت خالدة بأعمالها الكبيرة و المشرفة .
هل من مشاريع في الأفق تعمل عليها باعلي؟
هناك مشاريع في الأفق بداية من ملحمة بعنوان “امغار نزلان ” ( كبير الألحان ) من تأليف الفنان بوغردة عبد الوهاب، سينوغرافيا بليلة مسعود ، اخراج عزوز عبد القادر ، انتاج دار الثقافة داسين تامنغست بالتنسيق مع جمعية صرخة الركح.