الفنان التشكيلي داوود إبراهيم: ” الرسم الكاريكاتوري حالة تعبيرية أنفس بها عن غضبي”

الأكثر قراءة

افتتاح ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد بمناسبة الشهر الفضيل
إطلاق حاضنة المدرسة العليا للفنون الجميلة "آرتي"
وهران تحتضن ندوة حول "مسرح علولة والبحث العلمي"
فتح باب الترشح للطبعة ال8 لجائزة "كاكي الذهبي" للكتابة الدرامية
افتتاح الطبعة ال 14 للمهرجان الثقافي الوطني للعيساوة
فيلم يكشف استخدام فرنسا أسلحة كيميائية في الجزائر
عرض مسرحية "الخيط الأحمر" بقصر الثقافة مفدي زكرياء
القصبة ذاكرة وطنية حية تحتفي بتاريخها
البليدة: فتح المسرح البلدي "محمد توري" في حلة جديدة
تقديم العدد الأول لمجلة "سينماتيك" بالجزائر العاصمة

الفنان التشكيلي داوود إبراهيم أ ول فنان يتميز بمزج الفلسفة بالفن على شكل رسومات توضيحية لأفكار ومقولات ونظريات الفلاسفة، بهدف تقديمها إلى تلاميذ الثانوية في جميع تخصصاتها، مبرزا أن التماسه للرسم الكاريكاتوري وطرحه للمواضيع بجرعة زائدة من الجرأة ما هي إلا حالة تعبيرية لتنفيس عن غضبه جراء ما يحدث من محيطه الاجتماعي والتربوي والسياسي في بعده الوطني والعربي وحتى الدولي، مؤمنا أن الرسم الكاريكاتوري أبلغ من الكلام بحد ذاته لتمرير الرسالة.

حاورته: صارة بوعياد

أول فنان في العالم يتميز بمزج الفلسفة بالفن

كيف قاربت الفلسفة بالفن التشكيلي؟

بكوني أستاذ لمادة الفلسفة، كان تعاملي مع الفن التشكيلي بالفطرة فكنت عصامي في بداياتي ولم أتكون إلا سنة واحدة بمدرسة الفنون الجميلة إذ لم أكمل مساري الدراسي، لأقرر الانتقال بعدها للدراسة بقسم الفلسفة، والمعلوم أن مادة الفلسفة مكروهة تقريبا عند أغلب التلاميذ لصعوبة المواضيع المتناولة فيها، وعليه منذ أربعة سنوات جاءت فكرة التعبير عن أفكار ومقولات الشهيرة وكذا نظريات الخاصة بالفلاسفة وتحويلها إلى رسومات توضيحية، بهدف تقريب الفكرة للتلاميذ عن طريق عرض الرسومات بالقسم، وهي الطريقة التي أعتمد عليها في عملية التدريس حيث تقلل الجهد على الأستاذ أثناء الشرح وتبسط الأفكار ونظريات الفلاسفة.

كيف تلقى التلاميذ فكرة تحويل أفكار الفلاسفة إلى رسومات توضيحية؟

قمت بتحويل أفكار الفلاسفة إلى قصص مصور، أعرضها على التلاميذ في إطار التدريس دائما كما سبق وأن أشرت إلى ذلك، وأحاول أن أقرب لهم الفهم باستيعاب عن طريق صور بصرية عوض أن يحفظ الكلام بطريقة آلية، فكانت تجربة مدهشة عبر اللوحات التعبيرية تلقت تجاوب كبير مع التلاميذ، ولقد اطلعت وزير التربية “نورية بن غبريط” منذ سنتين على بعض الرسومات وأثارت اعجابها لكن لم يحدث دعم ولا حتى تجاوب، فلم يكن الدعم لا من قبل القطاع التربوي ولا حتى الإعلامي، ولولا مواقع التواصل الاجتماعي ما وجدت طريقة للتعريف بأعمالي.

هل يمكن أن تقربنا أكثر من الرسومات التوضيحية التي تستعملها أثناء التدريس؟

من بين الدروس التي تنطوي ضمن لوحات توضيحية فلسفة الرياضات، ورسم توضيحي يبرز أفكار فيلسوف أفلاطون العقلاني والذي يؤكد أن كل المعلومات تنطلق بالعقل، أما فيلسوف أرسطو التجريبي يؤكد أن المعلومات كلها تتكون بالحواس، إضافة إلى الفيلسوف سقراط الذي حكم عليه بالإعدام بعد اتهامهم، والذي رسمته وهو يتناول كأس السم في قصة واقعية، وإيمانويل كونت الألماني صاحب مقولة “شيئان يملأن نفسي بالإعجاب السماء المزينة بالنجوم فوق رأسي والقانون الأخلاقي في نفسي” حيث اعتمدت على هذه المقولة في الرسم التوضيحي للفكرة، وكذا كارل ماركس ومستخلص كتابه “رأس المال” أشرت إلى رسم توضيحي لعبارة “يا عمال العالم اتحدوا” وغيرها من اللوحات التعبيرية التوضيحية التي اعتمدها أثناء التدريس مادة الفلسفة.

هل سنرى هذه الرسومات في كتاب مستقبلا؟

أعمل على نشر كتاب في الفلسفة جامع لكل الرسومات يكون عبارة عن دروس في الفلسفة للتلاميذ، حيث يجمع ما بين الجانب المعرفي والفني، وللعلم صدر عن دار النشر هدى سلسلة كتب للأطفال متنوعة في ثمانية قصص تحت عنوان “من كل بلد حكاية” فكانت من كل ثقافة بلد قصة، وأشرفت على رسم اللوحات الخاصة بكل حكاية، بالإضافة إلى 16 قصص تنتظر النشر.

ما بين الفن والفلسفة أين تضع إبداعك؟

الجميل والطريف ما بين الفلسفة والفن، أنني درست في معهد الفلسفة مادة فلسفة الفن، وبالمدرسة الفنون الجميلة كانت وحدة فلسفة الفن باللغة الفرنسية، فهناك تلاقي كبير ما بين الفلسفة والفن، وتقريبا الفلاسفة كانت لهم أراء في الفن من بينهم أفلاطون وديكارت وكانط وهيجل فالعديد من الفلاسفة كتبوا في الفن، وعليه حاولت أن أجمع ما بينهما لأخلق التميز.

هل هناك من يتميز بالرسم الفلاسفة أم أنك الوحيد؟

بحثت جيدا ولم أجد أي شخص سبقني لهذا الموضوع ولحد الأن أنا الوحيد من الجزائر، وأول فنان في العالم الذي أتميز بمزج الفلسفة بالفن عبر الرسومات التوضيحية، إلى جانب محاولات في رسم البورتري، كما لي مساهمات في الفن التشكيلي، ومنذ أربعة سنوات فزت بالجائزة الدولية لأحسن سيناريو عام 2015 بالمهرجان الثقافي الدولي للشريط المرسوم، من خلال تحويل أفكار الفيلسوف اليوناني أفلاطون إلى قصة مصورة.

بعيدا عن الرسم الخاص بالفلاسفة ماذا تبدع أيضا؟

أكثر شيء أرسمه هو الطبيعة، وخاصة البحر، لأن الطبيعة في الجزائر لها مناظر في منتهة الروعة لكن لا تستغل كثيرا من جانب الفنانين التشكيلين، ففي القديم كانوا الفنانين المستشرقين خاصة منهم الفرنسيين يرسمون مناظر الحياة الاجتماعية الجزائرية، لكن الفنانين الذين يبدعون في رسم الطبيعة العذراء هم قلائل جدا ولهذا أحب أن أتخصص فيه، ومنذ ما يقارب ثلاثة سنوات بدأت بعرض بعض أعمالي الفنية الإبداعية أغلبها ضمن معارض جماعية، منها دور الثقافة بمدينة تلمسان، لكن أتمنى أن أعرض أعمالي الفلسفية حيث تلقيت دعوة من قسم الفلسفة جامعة الجزائر، الأستاذ عمر بوساحة، وهو رئيس الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية، وأنتظر تنظيم المعرض لأخرج ما في قريحة الابداع الخاصة بهذا الجانب.

ماذا عن الرسومات الجدارية التي تساهم في خلق الجمال في الشوارع؟

بعض الجمعيات الخيرية تقوم بحملات تزين في الشوارع على الجدران أو بالمؤسسات التربوية، وتكون لي فضل المشاركة والمساهمة حيث أقدم وجهة فنية جمالية للجدران المؤسسات التربوية أو الشوارع، لأنقلها من لا شيء إلى كل شيء.

ما هو سر رسوماتك المتكررة للفنان العراقي كاظم الساهر؟

منذ طفولتي وأنا أستمع لأغاني الفنان العراقي كاظم الساهر، فأنا مهوس جدا بفنه، حيث التقيت به مرتان الأولى في الجزائر العاصمة والثانية بمدينة سطيف، واستغليت الفرصة لأقدم له احدى اللوحات بمدينة الهضاب وأعجب بها كثيرا.

ما هي الصعوبات التي واجهتك في مشوارك الفني؟

من الصعوبات التي واجهتني في مشواري الفني، الدعم الغير موجود اطلاقا، إضافة إلى أن المواد المستعملة الخاصةبتقنية الرسم غالية جدا وقليلة جدا، ولقد حاولت أن أطلب بطاقة فنان لكن قبل الملف بالرفض، رغم أن هناك أشخاص قبلت ملفاتهم وقدمت لهم البطاقة وهم لا يمدون بالفن أي صلة، وشخصيا رغم ابداعاتي الموجودة والملموسة، لا نجد صدى أو التفات إلى المبدع الحقيقي في الجزائر، وأغلب المعارض تقام ضمن مجموعة ضيقة تتبادل الأدوار في كل مرة، ونحن لا نحظى بأي فرصة ليبقى للأسف الفنان الحقيقي مهمش إعلاميا وفنيا.

لك في فن الكاريكاتير رسومات جريئة الطرح هل تفكر بعرضها على الجمهور؟

أتذكر أني قدمت بعض الرسومات الكاريكاتورية للعرض لكنها قبلت بالرفض لأنها تنطوي على مواضيع جريئة جدا، لهذا في الغالب لا أفكر في عرضها، وإنما أمارسها كتعبير عن حالة نفسية حيث لما أشعر بالغضب أنفس عن غضبي بالرسم الكاريكاتور، وقدمت رسم كاريكاتوري يعبر عن وضعية الطلبة والاضرابات عن الطعام التي دامت قرابة احدى عشر يوما، نظرا للتكوين الرديء جدا وعدم الاعتراف بالشهادة، فمن المؤسف بقاء الوضعية على حالها ولا وجود للتغير، وهي الأسباب الرئيسية عن انقطاعي عن الدراسة بالمدرسة العليا للفنون الجميلة، والمفارقة أنها شهادة معترف بها في العالم أجمع خالصة في الدول الفرنكوفونية.

هل عدم قبول رسوماتك الكاريكاتورية الجريئة دليل على الرقابة المسلطة على الفنان؟

لا، لا تقاس على الرقابة حيث في الجزائر لنا حرية كبيرة في طريقة ابداء الرأي، لكن شخصيا لست متخصص في هذا اللون من الفن لكن أمارسه كنوع من التعبير عن حالات نفسية فقط، وفي بعض الأحيان أقوم بالرسومات كاريكاتورية في الجانب التربوي، حيث أشرت في إحدى الرسومات إلى التعديلات التي مست البرنامج الخاص بالفلسفة لكن ما هو إلا تعديل عبثي كما وصفته، ويبقى الرسم الكاريكاتوري يوصل الفكرة أبلغ من الكلام بحد ذاته.

وإن تحدثنا عن الجانب التربوي أين هي مادة الرسم من البرنامج المدرسي؟

إن الفن يعلم التلميذ الصبر وتهذيب النفس والاعتماد على نفسه ويكون فردا مسؤول عن نفسه واتجاه الأخرين، كما نربي ملكة التذوق الجمالي، لكن للأسف هذا الأمر مغيب تماما في المؤسسات التربوية، حتى أننا نجد أن الرسم كمادة يبرمج في الساعات الأخيرة الغير مقبول بها، وكأنها مادة تملأ بها الفراغات لا غير مكترثين لوجه الجمال الفني، وعليه أتمنى من وزارة التربية أن تحدث تعاون جاد وفعال مع وزارة الثقافة في هذا الصدد، فمن المفروض أن تكون الكتب مدرسية من اعداد فنانين حقيقين عوض الرسومات الجاهزة التي تحشى بها الكتب، كما أتمنى من وزارة الثقافة أن تهتم بالفن التشكيلي وتولي له أهمية كبيرة، فللأسف ما يروج له على أنه ثقافة لا يلخص كل الثقافات والفنون، وعليه أجد أن الفن التشكيلي محل الاهمال من قبل الوزارة الوصية، ونطمح أن نحظى بفرصة عرض أعمالنا الإبداعية الخاصة.

الإشتراك
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments

مقالات ذات صلة

0
يرجى التعليق.x
()
x