من مايرهولد إلى سالفا بولونين مرورا بانطونان ارتو وغروتوفسكي وكانتور واوجين باربا وصولا إلى صلاح القصب إلى محمد شرشال .تجارب مسرحية عديدة عرفها المسرح من البيوميكانيك الى القسوة الى الصورة . وتجارب اخري تختلف عن تجارب هؤلاء .نجد محمد شرشال يخوض في تجربة غير التي انطلق منها في بداياته في المسرح وبديهي ان الانسان يتطور ويكور ادواته العملية وكذا معارفه الفنية والفكرية الي ان يصل الي ما يطمح اليه في مساره الفني المسرحي .
تجارب عرفتها الحركة المسرحية العربية وهي تجارب مختلفة باختلاف المشارب التية يأخذ منها المجربون من أصخاب الجرأة الذين لا يعجبهم السكون او الجمود في قالب معين من المسرح كمسرح الكلام والجمل الخطابية .وغالبا نجد الذين يعملون في سياق غير هذا انهم مروا في بداية حياتهم بهذه التجارب ولكن طموحهم يدفعهم الي تجاوزها الي غيرها قد تكون افضل منها او تضيف اليها جماليات اخري.
في تجربتي المخرج محمد شرشال الاخيرتين شيء من هذا وهنا نلاحظ ان شرشال قارئ جيد وقارئ ذكي لتجارب غيره من سبقوه .وانه يستوعب بشكل جيد ما يقرا ويأخذ منه ما يفيده في مساره المسرحي ولكنه لا يأخذه بحرفتيه ولكن يستخلص منه الذي يخدم تجربته . ونلاحظ هذا في عمليه الاخيرين ( ما بقات هدرة)2017وG.p.s2021 وقد توجت جهوده في العملين بجائزتين من اهم الجوائز في الوطن العربي جائزة في مهرجان المسرح المحترف بالجزائر وكنت رئيسا للجنة التحكيم واقر اننا اثناء مناقشة العرض لم يحدث بيننا اختلاف بل كان اجماعنا علي احقية العرض ومنحه الجائزة الكبرى وقد استحدثنا الي جانبها شهادة تنويه وذلك لأول مرة في تاريخ هذا المهرجان وهي شهادة التنويه بالأداء الجماعي والتناسق بين ممثلي العرض اماGps فقد حصد بها جائزة مهرجان المسرح العربي في دورته الثانية عشر في الاردن.
والملاحظ ان شرشال في هذين العرضي يمزج بين مدارس او مناهج مسرحية عديدة متخليا بذلك عن الكلمة المنطوقة معوضا اياها بالفعل والحركة .واذا كان قد حافظ تلي حد ما علي الكلمة المنطوقة في ما بقات هدرة فانه استغني عنها تماما فيGps واستعاض عنها بالحركة والصورة لذا قلنا انه يستعين بالكثير من المدارس في عمله وانه قارئ جيد لتجارب غيره فقد مزج بين القسوة (غروتوفسكي ارتو)وبين البهلوانية والصورة(سلافا بولونين وصلاح القصب) والغي الكلمة وعوضها بالجملة الموسيقية .وبإيقاعات اخري واصبحت الجملة الموسيقية هي الجملة الاساسية في العرض متزاوجة مع الحركة وبذلك يكون للجسد جسد الممثل العمل الاساسي ووصولا الي المسرح السنسكريتي في الهند اين يكون لحركات الوجه العمل الاساسي في التعبير .وحتي ما استخدمه شرشال من منطوق في عرضGps لا يعد كلاما مفهوم وانما هو مجرد همهامات تخرج من افواه الممثلين ولكنها لا تعني شيئا عند سماعها وقد نجد فيها الكثير من هزليات شابلن وبهلوانيات مسرح سيميانيكي كماة هو عند مجموعةteatr licedei الروسي هاتين التجربتين لمحمد شرشال ليس لهما سابقة في الحركة المسرحية الجزائرية ولا حتي في الحركة المسرحية العربية باستثناء تجارب صلاح القصب في العراق ومسرح الصورة وهي تجربة تختلف عن تجربة شرشال وبالتالي فان شرشال يعد ومنذ الان رائد هذا الاتجاه في الحركة المسرحية الجزائرية خاصة والعربية عامة. هل سيواصل شرشال مساره المسرحي في هذا الاتجاه اظنه فاعل ذلك فقد قال في حديث عابر انه سوف يتابع ويواصل في هذا الاتجاه.
ان الجمالية الفنية في مثل هكذا عروض لا تكتفي بجانب واحد منا ولكنها تسعي لأن تكون شاملة رغم استغنائها على متعة السمع للكلام ولكنها عوضتها بمتعة السماع للجملة الموسيقية الي جانب متعة العين المتعددة وربما هي ابلغ من الكلمة لأن الجملة الموسيقية ورغم عنفها احيانا كما في عرض Gpsإلا أنها تعطي متعة كبيرة بتضخيمها وقعقعتها .
ففي عرض كهذا تأتي هذه الجملة الموسيقية لتعوض الكلمة وجملتها الشاعرية ويكون فيه الجسد .جسد الممثل هو البطل الفعلي للعرض ويكون الممثل في خدمة جسده بدل ان يكون الجسد في خدمة الممثل .مع الاستعانة بكل الموروث الشعبي ايس عند شعب واحد ولكن عند مختلف الشعوب مما يجعل نثل هذه في غير ما حاجة الي الترجمة في مكان يتم عرضها تكون لغتها مفهومة لأنها تعتمد الاشارة وحركة الجسد وتعبيرية الوجه والجملة الموسيقية كلغة حوار ومخاطبة للجمهور كما تعتمد الصورة وهي اقوي اللغات تعبيرا واكثرها فهما عند مختلف الشعوب انها لغة التواصل الاكثر فهما بامتياز. ورب صورة اقوي من الكلمة ورب نوتة ابلغ من جملة شعرية.
علاوة وهبي