إن دور النشر تعتبر من أهم المؤسسات الفاعلة في المجال الثقافي ونجاحها يكون عن طريق نشر أعمال المبدعين والكتاب وذلك ما يكسب الساحة رصيد علمي ويبرز أن الجزائر تتمتع بمواهب عديدة.
ورغم العراقيل المحبطة التي تواجه دور النشر لاسيما من الناحية المادية كون سوق الكتاب راكدا على غرار باقي الأسواق، كما لا ننسى أيضا القيمة العلمية التي أهملتها بعض دور النشر نتيجة البحث عن الربح المادي فقط وهذا ما عاد علينا بالسلب، لكن السؤال يبقى مطروح إلى متى سنبقى ندور في هذه الحلقة الفارغة؟
وكمدير دار أبلج للنشر والتوزيع والترجمة من ولاية سكيكدة أجد أنه من الضروري على دور النشر عمل تنسيقية للقضاء على المتاجرة الزائفة والعمل على رفع سقف الأدب وتعديل سوق الكتاب في الجزائر، خاصة بعد الظروف التي نشهدها بسبب ظروف جائحة كوفيد 19 حيث نعيش كمؤسسات فاعلة في السلك الثقافي نوع من الضغط سواء من الناحية المادية أو من الناحية التقنية نتيجة ارتفاع المادة الخام، وأيضا تعامل البعض منا مع مطبعيين يستغلون الغلاء الحاصل لصالحهم والتضييق على نشاطنا.
ونظرا للاتهامات الواهية لبعض الجهات التي لا تعرف صناعة النشر فهي تفضفض على خاطرها باسم أن تكون لها سمعة جيدة على حسابنا، هذا ما يجعل واقع النشر بالجزائر في حلقة فارغة، فنحن لا نرى التعاون من الجهات المسؤولة كما نرى التوجهات الخاطئة لبعض الكتاب الناشئين عن ألية النشر والمراحل التي يمر بها خاصة أننا في مرحلة موضة للكتب سواء من ناحية الصناعة أو الإبداع، وهذا افتقار إلى الجهات الداعمة التي همها الانتقاد لا الإرشاد والنصح بل على العكس تنفر المبدعين وتجعلهم في حالة عزوف عن النشر والإبداع.
أما بخصوص المبيعات فالجمهور القارئ لم يعد يهتم للقراءة وذلك جراء بروز الاعلام الجديد والعولمة وارتفاع سعر الكتب عكس ما تقوله بعض الاحصائيات المغالطة التي تقول بأن الجمهور لديه إقبال فنحن لا نقيس فئة قليلة على فئة أكبر منها، ولا ننسى أن الكتب الأجنبية مباعة أكثر من الوطنية وهذا نتيجة لعقلية الاستهلاك الثقافي الذي نشهده والترويج للكتب الأجنبية واحتقار بعض الكتب المحلية التي من الممكن لو نظرت لها عين القارئ لكانت الأكثر مبيعا عربيا ولما لا عالميا.
وسأضيف على كلامي بمعادلة مجتمعية قائمة ونعرف حلها ولكننا لا نبادر لذلك خشية الرسوب في حياتنا ألا وهي معادلة الثلاثة الناجحين (الناشر، الكاتب، القارئ) فكل واحد يعطي أعذار لاختراق خط الأخر لكن الهدف واحد هو الوصول، وهذا خاطئ لأن الناشر يضغط بظروفه على الكاتب، والكاتب هو الأخر يحاول الوصول إلى القارئ الذي لا حول ولا قوة له.
وهنا نشهد هذا التدهور الحاصل لكن هذا يمكن إصلاحه ما شددنا همتنا وأوقفنا العبث الحاصل ونزع المتطفلين لنصل لمرحلة انتقالية، في الأخير لازال الموضوع مفتوح ولا يمكن التعبير عنه بمقال واحد بل بسلسلة كاملة وإعطاء فرصة للنقاش والخروج بحلول لا بمجرد كلمات تكتب على الورق.
بقلم: الناشر عومار رشدي