أمضت حياتها في خدمة الفن الرابع
صونيا عنقاء المسرح الجزائري
سارة فراح
صونيا عنقاء المسرح الجزائري، اعتنقته في زمن ندرة النسوة ركحيا، واعتنقته في زمن العشرية السوداء، فكنت المرأة التي عشقت فنا خدمته بصدق واحترافية فكانت الممثلة والمخرجة والمسيرة للإدارة وللمهرجان الثقافي الوطني النسوي الذي كان طفرة فنية متميزة بمدينة بونة، رحلت صونيا وتركت صوتا يصدح فوق الركح، وترجلت عن الساحة الثقافية مخلفة ربيرتوار ثري للمسرح الجزائري.
اسمها الحقيقي سكينة مكيو، المعروفة في الوسط الفني بصونيا من مواليد الميلية ولاية جيجل، خريجة معهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان دفعة 1973، دخلت ميدان التمثيل في سن مبكر لا يتعدى الـ 17 سنة، ودشّنت مسيرتها بمونودرام “فاطمة”.
واجهت جملة من الصعوبات واعتراض الأهل على ذلك بحكم واقع المجتمع آنذاك، غير أنها كسّرت ذلك القيد والتحقت بالمعهد رفقة أربع ممثلات أخريات، خاصة أنه في تلك المرحلة المسرح كان يفتقر للعنصر النسوي بحكم عادات وتقاليد المجتمع الجزائري، عكس ما أصبح عليه في الوقت الحاضر.
صونيا، كانت دائما بين الممثلات المسرحيات البارزات في الوسط الفني الجزائري قبل انتقالها إلى الإخراج، وقد عينت مديرة للمعهد العالي للفنون العرض والسمعي البصري سنة 2001 واستمرت إلى 2003. بعدها ترأست مسرح سكيكدة الجهوي، ثمّ مسرح عنابة الجهوي. وأسّست المهرجان الوطني للمسرح النسوي (2012) وسيّرت محافظة هذا المهرجان في أربع دورات، قبل أن تتقاعد في 2016.
حملت هموم المجتمع فوق خشبات المسارح الجزائرية وفي الخارج، إلى جانب حضورها في الأفلام والمسلسلات الجزائرية. وهي التي عملت كممثلة إلى جانب كل من المرحومين عزالدين مجوبي وعلولة كما عملت مع سيد أحمد أقومي، وامحمد بن قطاف وزياني الشريف عياد، وعملت كمخرجة مسرحية في “امرأة من ورق”.
شاركت في عمل جماعي إلى جانب كل من محمد فلاق وحميد رماس بعنوان “لنعبر للعالم” وهي مسرحية تتحدث عن انحراف الشباب، وقد مثلت صونيا في هذا العرض وعمرها لا يتجاوز الـ 20 سنة، لتجمع في رصيدها الفني العديد من المسرحيات الجماعية والفردية التي تفوق الـ 50 عرضا من بينها مسرحية “حضرية والحواس” وهو عمل جماعي لمصطفى عياد، يعالج ظروف المأساة التي عاشها الجزائري، في شرح للوضع الذي ساد الجزائر في تلك السنوات الحمراء التي ضربت كل شيء ولم يخرج منها المسرح سليما، حيث فقد الكثير من عمالقة الخشبة. وتعتبر صونيا أن هذا العمل هو في خانة الأعمال النادرة، بحكم نصه وطريقة المعالجة التي تم بها من قبل الممثلين الذين وظفوا خبرتهم في هذه المسرحية بالكثير من الشجاعة، لتبقى هذه المسرحية من بين العروض المهمة إلى جانب مسرحية “الصرخة”.
الفنانة سكينة مكيو والمعروفة باسمها الفني “صونيا” توفيت الأحد 13 ماي 2018 بالجزائر العاصمة عن عمر يناهز 65 سنة بعد معاناتها مع مرض السّرطان، بعد أن أمضت كل حياتها في خدمة المسرح والفن بالجزائر .قدمت صونيا أزيد من خمسين عملا مسرحيا، بالإضافة إلى الأعمال السينمائية والتلفزيونية. وكان آخر عمل قدمته صونيا للمسرح “بدون عنوان” الذي أخرجته ومثلت فيه إلى جانب مصطفى عياد كما شاركت في فيلم “طبيعة الحال” للمخرج كريم موساوي.
صونيا .. آخر منولوج في رحلتها الأرضية
في المسرح ..
لست بقديسة
لست بشيطانة
بل كائن الفعل المتحول
كائن..
من دم وألم
من وهج وحلم
من دمع وفرح
كائن الصمت المتكلم
في كل مغامرة
أتفكك،
أتورم،
أتحلل،
أتعفن،
أتعثر،
أسقط،
أقف،
أتشوه،
أعشق،
اكره،
أتشكل،
انا.. لست بكائن من ورق
انا فقط..
امرأة المسرح..
عاشقة المسرح.. قبضت بقوة الحياة الشرسة على جمره الحارق منذ سنة 1974
ولم اتأوه.. بل بكيت بحرقة مسرحا
فالمسرح قدري .. قدركم جميعا
المسرح صوتي .. صوتكم جميعا
المسرح بيتي .. بيتكم جميعا
له وحده بعد الله
اركع..
فهل تركعون له معي ؟؟
كتبها بألم: عبد الناصر خلاف – الجزائر